أما العنصر الأخير من عناصر هذا اللقاء هو: من هم الذين يستجيب الله جل وعلا لهم الدعاء؟ أولاً: الصائم.
ثانياً: الإمام العادل.
ثالثاً: المظلوم.
والحديث كما ذكرته أنفاً رواه الترمذي وأحمد وغيرهما، وحسنه الحافظ ابن حجر من حديث أبي هريرة قال:(ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم؛ يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول ربنا لهذه الدعوة: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) واعلموا بأن الله تعالى لا يرد دعوة المظلوم ولو كانت من كافر، لا تقولوا بأن هذا كافر لا حرمة له، نعم.
لا حرمة له؛ لأنه كافر نجس، ولكن لا تظلمه، ولا تأكل عليه حقه، ولا تأخذ منه حقه، أعطه حقه كاملاً موفوراً غير منقوص ولا تظلمه، فلو دعا عليك وهو كافر لاستجاب الله دعوته، وكفره على نفسه، وفجوره على نفسه، أما دعوة المظلوم فيرفعها الله فوق الغمام، ويقول لها:(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) وكانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـ معاذ وهو ذاهب إلى اليمن: (واتق دعوة المظلوم -وكم من الناس لا يهتم بها، ولا يأبه لها- فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
اعلم بأن الله يمهلك ولا ينساك ولا يغفل عنك، فإن كنت ظالماً لأحد من عباد الله ولأحد من خلق الله كافراً كان أو مسلماً، فرد إليه المظلمة قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، ولا مناصب ولا كراسي ولا وزارات، ويؤخذ من حسناتك -يا عبد الله- فتعطى لمن ظلمت، حتى إذا ما فنيت حسناتك أُخذ من سيئات من ظلمتهم في الدنيا فطرحت عليك، فطرح صاحب المظالم على وجهه في النار، وهذا هو المفلس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أيضاً ممن يستجيب الله لهم الدعاء: دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب، والحديث رواه مسلم:(ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل -وفي رواية أبي داود - إلا وقالت الملائكة: آمين ولك بمثل) فلا تنسنا أخي الحبيب بدعوة منك في ظهر الغيب، واعلم بأن الله جل وعلا سيستجيب منك هذه الدعوة وسيعطيك مثلها بموعود النبي صلى الله عليه وسلم.
أيضاً دعوة المسافر -أيها الأحباب- فدعوة المسافر لا ترد، ودعوة الوالد على ولده لا ترد، هذا بإيجاز شديد.