أخرج الإمام أحمد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال:(كان العرق في وجهه صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ)، وكذلك عندما كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان شديداً، ففي مرة من المرات نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وركبة النبي صلى الله عليه وسلم على ركبة أحد الصحابة، فقال ذلك الصحابي:(أحسست أن جبلاً نزل علي من ثقل ما يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكذلك في اليوم شديد البرودة عندما ينزل الوحي ترى العرق يتناثر على وجه النبي صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ، وهذا مع شدة البرد! أما ريح عرقه صلى الله عليه وسلم فقد كان أطيب من ريح المسك، فعلى المسلم أن يكون حريصاً على نظافة ثوبه، وجمال لحيته، وترجيل شعره، وطيب رائحة بدنه، فأنت بهذا تقتدي بالحبيب صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يخرج إلى الناس إلا بعد أن يتجمل ويتزين ويتطيب عليه الصلاة والسلام، وينظر في المرآة ويسرح شعر اللحية، وكان إذا سافر أخذ معه السواك والمرآة والمشط والمكحلة، ويقول عليه الصلاة والسلام:(من كان له شعر فليكرمه) انظر! الإسلام دين جمال! ليس ديناً مهملاً للنظافة، فيا أخي! كن جميل المنظر، طيب الرائحة دائماً، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان جميلاً في كل شيء، ولما سئل قال:(إن الله جميل يحب الجمال) فكان عرق النبي صلى الله عليه وسلم أطيب من ريح المسك؛ لأنه كان يكره أن تشم منه رائحة خبيثة، روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندنا -يعني: نام عندنا وقت القيلولة- فعرق النبي عليه الصلاة والسلام، فجاءت أم سليم رضوان الله عليها بقارورة، وجعلت تسلت العرق في القارورة، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: يا أم سليم! ما هذا الذي تصنعين؟! قالت: يا رسول الله! عرقك نجعله في طيبنا، هو أطيب طيبنا) يعني: أطيب الطيب عرقك! فهي فعلت ذلك لأجل أن تدهن وتطيب بعرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد روى الإمام مسلم أيضاً عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خدي، فوجدت ليده برداً ورائحة، كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) وكان سيدنا جابر شاباً صغيراً، فمن السنة إذا لقيت طفلاً صغيراً أن تمسح رأسه وتلاعبه، قوله:(كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) يعني: كأنه أخرج يده من وعاءٍ فيه طيب.
وهذا ابن عباس بات عند خالته ميمونة ذات ليلة؛ لينظر إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، فتظاهر ابن عباس بالنوم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قام وتوضأ وصلى، فقام ابن عباس وتوضأ وصلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وجعله عن يمينه، فلما أوقفه عن يمينه قام ابن عباس ورجع للوراء، فبعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم قال له:(إيه يا ابن عباس! ما لي أجعلك بإزائي فتخنس؟! فقال له: يا رسول الله! لا يجوز لأحد أن يقف بإزائك وأنت رسول الله)، يعين: كيف أقف بجانبك وأنت رسول الله؟! فـ ابن عباس مع صغر سنه يصنع هذا الصنيع! فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن مد يده إلى أذن ابن عباس وفركها فركاً يسيراً ودعا له، ففي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم:(اللهم فقه في الدين) وعند أحمد: (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل) وفي رواية أخرى يقول ابن عباس: (فضمني النبي إلى صدره وقال: اللهم علمه التأويل) فاستجاب الله لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذلك عندما وضع النبي صلى الله عليه وسلم على صدر الشاب الذي استأذنه في الزنا فأحس الشاب ببرد كفه صلى الله عليه وآله وسلم على صدره.
وفي الصحيحين من حديث أنس قال رضوان الله عليه:(ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وعن أنس رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة قال الناس: لقد مر اليوم من هاهنا رسول الله)، ولم يكن ذلك إلا لـ مصعب بن عمير قبل أن يسلم بمكة، فما بالك بأستاذ مصعب صلى الله عليه وسلم، كان مصعب زهرة شباب قريش، وسيد الفتيان في مكة، وكان يضع على بدنه وثيابه أرقى أنواع العطور، فلما كان يمشي في طريق يقولون: مر من هذا الطريق مصعب بن عمير.
فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا مشى في طريق من طرق المدينة، عُلِمَ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مر من هذه الطريق؛ وذلك لما يجدونه في الطريق من رائحة طيبة.