وبعد هذه المقدمة التي طالت أقول: من هو المسلم الذي يجرؤ أن يتهم مسلماً على وجه الأرض أنه قد استحل سفك الدماء؟! ومن هو الذي يتهم الإسلاميين في الجزائر بأنهم يقومون بهذه المجازر والمذابح بعد ظهور هذه الحقائق؟! إن هذا ليس إلا ذراً للرماد في العيون، بل هو طمس للعيون، خذوا هذه الحقائق وتدبروها جيداً لتعلموا الحق: أولاً: ما يسمى بمثلث الموت أو مثلث الرعب في الجزائر! الذي حدثت فيه في غضون شهرين ما يزيد على عشرين مذبحة، يتكون من ثلاث مدن بقراها، هذه المدن والقرى تحيط بالجزائر العاصمة في مسافة لا تزيد على عشرين كيلو فقط، وتدبر هذا جيداً! الجزائر العاصمة تحولت الآن إلى ثكنة عسكرية، والجيش حول العاصمة تحولوا إلى ثكن عسكرية، ففي مدينة واحدة فقط سبع قواعد عسكرية، لتكون بمثابة خط الدفاع الأول ضد الإسلاميين على العاصمة الجزائر! هذه المدن الثلاث التي تسمى بمثلث الرعب فيها قوات الأمن وقوات الجيش بصورة مكثفة، ومع ذلك حدث فيها في غضون الشهرين الماضيين ما يزيد على عشرين مجزرة أو عشرين مذبحة، راح ضحية هذه المجازر والمذابح ما يزيد على ألفي رجل وامرأة وطفل.
أقول: المجازر الأخيرة التي حدثت في الجزائر تركزت في ثلاث مدن بقراها هذه المدن تحيط بالجزائر العاصمة في مثلث يسميه الجزائريون الآن بمثلث الرعب أو بمثلث الموت؛ جل من سقط مذبوحاً من الرجال والنساء والأطفال في هذه القرى والمدن هم أهل الإسلاميين!! وتطاول المجرمون وقالوا: إن هذه حرب تصفية بين الإسلاميينوبعضهم البعض! ثانياً: المذبحة الأخيرة التي راح ضحيتها ما يزيد على خمسمائة رجل وطفل وامرأة، في حي يقال له: حي سيدي موسى، هذه المساحة قتل المجرمون فيها الرجال والأطفال والنساء, وبقروا بطون النساء! وقطعوا رقاب ورءوس بعض النسوة والأطفال! وعلقوا الرءوس على أبواب المنازل! ثم اغتصب في هذه المذبحة ما يزيد على مائة فتاة! ثم قتلن بعد ذلك! هل يفعل ذلك مسلم؟! والله الذي لا إله غيره إنه لا يفعل ذلك مسلم على وجه الأرض يحمل ذرة إيمان! والأمر الأخطر من هذا، أين قوات الأمن؟! وأين قوات الجيش التي لا تبعد عن حي سيدي موسى أكثر من عشرين كيلو؟! وأين كانت هذه القوات لمدة خمس ساعات متواصلة يذبح فيها المجرمون ويقتلون؟! والحقيقة عن العلامة الاستفهامية الأخيرة -وهي خطيرة- هي ما نشرته مؤخراً منظمة العفو الدولية، هذا مع تحفظي على مثل هذه المنظمات، لكن أقول: إذا نطق الأعداء فالحق ما شهدت به الأعداء، مع أنهم قد احترفوا الكذب والتضليل والتلبيس، إلا أن منظمة العفو الدولية قد أصدرت أخيراً تقريراً تحت عنوان (الصمت والخوف) هذا التقرير لمنظمة العفو الدولية يتهم المليشيات الجزائرية التي تنتمي إلى الجيش الجزائري، والتي شكلها الجيش عام (١٩٩٢م) للقضاء على الجماعات الإسلامية في داخل الجزائر، وتتكون هذه الميلشيات من جماعتين: الجماعة الأولى: تسمى: (جماعة قوة الدفاع الذاتي) والجماعة الثانية: تسمى: (حراس القرى)! هذه الجماعات وهذه الميلشيات سلحتها الحكومة الجزائرية، وأمدتها بالسلاح؛ لتقليم أظافر الإسلاميين، وفي القرى التي تقام فيها هذه المذابح الآن رفض أهل هذه القرى وأهل هذه المدن هذه المليشيات، وأصبح جل هؤلاء ممن يحبون الإسلاميين، وكانوا ممن صوتوا للإسلاميين في انتخابات الجزائر التي نحي عنها المسلمون قبل ذلك! وهؤلاء رفضوا أن يتسلموا الأسلحة من الحكومة الجزائرية ليساهموا في (قوة الدفاع الذاتي) أو ليساهموا في (قوات حراس القرى)، فتتهم منظمة العفو الدولية هذه الميلشيات بأنهم هم الذين قاموا بهذه المذابح المروعة؛ لتقليم أظافر الإسلاميين، ولمن صوتوا للإسلاميين! وهم لا زالوا إلى الآن يرفضون أن يصوتوا للحكم العسكري داخل الجزائر، ويريدون للحكم الشرعي أن يسود البلاد، فالحكومة تنتقم من هؤلاء على أيدي هذه الميلشيات التي شكلت عام (٩٢م).
هذا ما أدين لله به في هذه المأساة المروعة، أما أن يصدق مسلم أن مسلماً صلى لله، يخرج على نساء وأطفال وشيوخ ليذبح وليزني ويغتصب النساء! ويعلق الرقاب على أبواب المنازل! ثم يقال هذا مسلم! فحاشا وكلا، والإعلام الغربي بدأ يغير اللهجة الإخبارية، وبدأ يغير اللهجة الدعوية في الخطاب الدعوي الآن؛ إذ إن الإعلام الغربي يقول: وعادة ما يلام في مثل هذا الإسلاميون! وهذا تغيير لا شك.
فالجزائريون الآن يشيرون بعلامات استفهام ضخمة جداً: من وراء هذه الأحداث في الجزائر؟! من الذي يسفك الدماء المسلمة؟! ومن الذي يقتل النساء؟! وأنا أدين لله بأن العدو الأول في الجزائر هم من نحوا الإسلاميين أول مرة.
سبحان الله! حبس المسلسل يا إخوة! ووضع بدقة رهيبة محكمة في بلاد غربية تتغنى إلى الآن بالديمقراطية! فيقال لهم: أنتم تعبدون الديمقراطية وتقدسونها، والإخوة المسلمون في الجزائر وصلوا إلى دفة الحكم عن طريق هذه الديمقراطية التي تدعونها وتزعمونها! هذا مع تحفظي على مسألة الديمقراطية، ولي فيها كلام آخر، ولست بصدد الحكم عنها الآن، لكن أقول للغربيين الذين يعبدون الديمقراطية ويقدسونها: وصل الإسلاميون في الجزائر بقانون الأصوات الذي وضعتموه، وصوّت الشعب الجزائري في أغلبه للإسلام وللإسلاميين، فتدخل الغرب الذي يتغنى بالديمقراطية، والذي لا يريد للديمقراطية أبداً أن تسود على غير أرضه، فإن تمثال الحرية في نيويورك يصدم الذاهب إلى أمريكا؛ وإنما يضحكون به على بقية شعوب العالم؛ إذ إن هذه الدولة تضرب العالم وتسوق العالم كله بعصاً غليظة، ولا تريد للإسلام ولا المسلمين أن يسودوا أبداً، ولا أن يحكموا شرع الله أبداً، مع أن شرع الله فيه الأمن والأمان.
وأقول: سقط في الجزائر خلال خمس سنوات فقط ما يزيد على مائة وستين ألف مسلم ومسلمة، لصالح حفنة قذرة ممن لا تريد لشرع الله أن يحكم، وممن لا تريد لشرع الله أن يسود، جلسوا على الكراسي وأزهقوا كل هذه الأرواح، يعني: بمعدل خمسين قتيلاً كل يوم في الجزائر من أجل حفنة قذرة ممن لا تريد لشرع الله أن يحكم وأن يسود! ثم بعد ذلك يلقى باللوم على من قدمهم الشعب ليحكموا الناس بشرع الله!! أسأل الله أن يرفع عن إخواننا في الجزائر الهم والكرب والغم، اللهم ارفع الهم عن إخواننا في الجزائر، اللهم فرج كربهم، اللهم سكن آلامهم، اللهم احقن دماءهم، اللهم انتقم من عدوهم في الخارج والداخل، اللهم انتقم من أعداء الجزائر في الخارج والداخل، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم أخرجهم من بين أعدائهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين! أرجو أن ننظر إلى الأحداث بهذه الرؤية، وأنا أكلف كل من يبلغه كلامي أن يبلغ غيره؛ حتى لا يزل مؤمنٌ في اتهام أخ له يدين لله ويؤمن برسول الله، ويعلم يقيناً حرمة الدماء، كما قال الله وكما قال المصطفى رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه.