وإذا كان المصطفى هو أول من يبعث يوم القيامة، فإن أول من يُكسى يوم القيامة هو خليل الله إبراهيم.
كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال (أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله يوم القيامة حفاةً عراةً غُرْلاً، وأول الناس يُكْسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام).
وفي رواية البيهقي من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال:(أول الناس يُكسى من الجنة يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ويؤتى بي -أي: بالحبيب المصطفى- فأُكسى حُلّة من الجنة لا يقوم لها البشر).
وتكلم علماؤنا عن حكمة تقديم إبراهيم عليه السلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الكسوة يوم القيامة.
ومن أجمل ما ذكره أهل العلم: أن المشركين لما هموا بحرق إبراهيم في النار، وأشعلوا النار المتأججة التي ارتفع لهيبها في عنان السماء حتى كانت الطيور تسقط من ارتفاع لهب هذه النيران! وظلوا يجمعون لها الحطب شهوراً وأياماً، فلما هموا بإلقائه جردوه من كل ثيابه، فلما صبر إبراهيم واحتسب وتوكل على الله جازاه الله سبحانه وتعالى على ذلك، فوقاه حر النار في الدنيا والآخرة، وكافأه يوم القيامة فكساه على رءوس الأشهاد.
فأول من يبعث هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأول الناس يُكسى هو الخليل إبراهيم عليهما وعلى جميع النبيين والمرسلين أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وبعد البعث حشر.
وهذا هو موضوعنا اليوم مع حضراتكم، فأعيروني القلوب والأسماع والله أسأل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم في موضوع الحشر في العناصر التالية: أولاً: صفة أرض المحشر.