قال عز وجل:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}[ق:١٩]، وما أدراك ما السكرات؟ وما أدراك ما الكربات؟ والله! إن الكرب والهم يزداد في لحظات السكرات.
إذا نمت على فراش الموت يا ابن آدم! ورأيت في غرفتك التي أنت فيها دون أن يرى أحد غيرك، رأيت شيطاناً قد جلس عند رأسك يريد أن يضلك عن كلمة (لا إله إلا الله) ويقول لك: مت يهودياً؛ فإنه خير الأديان! أو يقول لك: مت نصرانياً؛ فإنه خير الأديان! واستدل بعضُ أهلِ العلم على ذلك بشطر حديث صحيح رواه الإمام مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إن الشيطان يحضر كل شيء لابن آدم).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٤/ ٢٥٥) عن مسألة عرض الأديان قبل الموت على العبد في فراش الموت، فقال شيخ الإسلام: من الناس من تعرض عليه الأديان، ومنهم من لا يعرض عليه شيء قبل موته، ثم قال: ولكنها من الفتن التي أمرنا النبي أن نستعيذ منها، كما في قوله:(اللهم أنى أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال).
فمن فتن الموت أن تأتي الشياطينُ لتصدك عن (لا إله إلا الله) ولتصدك عن كلمة التوحيد؛ فهذه من الكربات، وهذه من أشد السكرات على ابن آدم، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فهل علمت أخي في الله! أن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، حينما نام على فراش الموت ذهبت إليه الشياطين لتنادي عليه بهذه الكلمات؟ قال ولده: عبد الله: حضرت الوفاة أبي فنظرت إليه، فإذا هو يغمى عليه ثم يفيق، ثم يشير بيده ويقول: لا بعد، لا بعد، فلما أفاق الإمام في لحظة بين سكرات الموت وكرباته قال له ولده عبد الله: يا أبت! تقول: لا بعد، لا بعد! فما هذا؟ فقال لولده: يا بني! هناك شيطان جالس عند رأسي عاض على أنامله يقول لي: يا أحمد! لو فتني اليوم ما أدركتك بعد اليوم، وأنا أقول له: لا بعد، لا بعد! حتى أموت على (لا إله إلا الله).