[من علامات الساعة الصغرى هدنة تقع بين المسلمين وبين بني الأصفر]
العلامة الحادية والأربعون -وهي في غاية الأهمية والخطورة-: هدنة تقع بين المسلمين وبين بني الأصفر، وبنو الأصفر في الحديث يراد بهم الروم، والروم هم أوروبا وأمريكا، إذا ذكر الحديث النبوي لفظ بني الأصفر أو لفظ الروم فالمراد بهم الآن: أوروبا وأمريكا، فهؤلاء هم الروم، وهؤلاء هم بنو الأصفر.
جاء في الحديث الذي رواه البخاري من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه، وهذا الحديث قد ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ست علامات من العلامات الصغرى، فقال عليه الصلاة والسلام: (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي -أي: موت المصطفى صلى الله عليه وسلم- ثم فتح بيت المقدس)، أما العلامة الأولى فقد وقعت بموته عليه الصلاة والسلام، وأما العلامة الثانية فقد وقعت بفتح بيت المقدس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي العام الثالث عشر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس، واستلم مفاتيح بيت المقدس، بعد أن حاصرت القدس الجيوش الفاتحة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وأرضاه.
ثم العلامة الثالثة في الحديث: (ثم مُوتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم)، قال ابن فارس: أو كعقاص الغنم.
والقعاص أو العقاص: داء يصيب الدواب -الإبل والغنم- في الصدر أو في العنق فتهلك الدواب في الحال، قال أهل العلم جميعاً: هذه العلامة قد وقعت بطاعون عمواس الذي ابتليت به بلاد الشام، وكان من الأكابر الذين ماتوا في هذا الطاعون أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
إذاً: موت النبي عليه الصلاة والسلام، ثم فتح بيت المقدس، (ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً)، وأظن أن هذه العلامة نراها الآن متحققة تماماً، قد تعطي الرجل مائة جنيه، فيقول: أتيتك من المكان الفلاني، ولا تخرج من حافظتك إلا مائة جنيه! ويظل ساخطاً عليه.
(ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته)، وأظنكم جميعاً ذكرتم أنها فتنة التلفاز والأغاني نسأل الله السلامة والعافية، ولا شك أنها فتنة عاصفة، لكن أنا لا أجزم ألبتة بأن هذا هو تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو من كلام بعض أهل العلم، فالفتنة التي دخلت جميع بيوت العرب هي فتنة التلفاز، فما من بيت من بيوت العرب الآن إلا ودخلته، وهذا اللفظ خرج مني مخرج الغالب -كما يقول علماء الأصول- وإلا فإن كثيراً من بيوت أهل الفضل لم تدنس بعد بهذه الفتنة الحالكة، تدخل كثيراً من بيوت المسلمين فتسمع فيها الغناء، وترى فيها الرقص، بل وترى فيها الزنا، فهذا الذي يسمى بالدش ينقل الآن إلى بيوت المسلمين الزنا، يجلس الرجل طوال الليل ليرى الزناة والزواني على شاشة التلفاز، ويجلس الساعات الطوال، إنها فتنة عاصفة! وأنا لا أتصور أبداً رجلاً بهذه الكيفية يصلي الفجر، أو يقيم ليلاً، أو يتقي الله في عمل، أو حتى يقدر على أن يستيقظ مبكراً لعمله، إنها فتنة حالكة تريد لأبناء هذه الأمة الدمار والبوار والهلاك، لا أتصور شاباً يقضي الليل بطوله -ولست مبالغاً- أمام فلم داعر، أو فلم نجس عن طريق هذه القنوات المفتوحة، ثم بعد ذلك يصلي الفجر أو يقوم إلى عمله وهو نشيط، هذا مستحيل! هذه فتنة نسأل الله أن يطهر بيوت المسلمين منها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اسمع إلى العلامة السادسة -وهي محل الشاهد-: (ثم هدنة) والهدنة هي المصالحة، قال: (ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر) من هم بنو الأصفر؟ الروم، من هم الروم؟ أوروبا وأمريكا بلا خلاف، (ثم تكون هدنة بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون) أي: يغدر بنو الأصفر بأمة النبي عليه الصلاة والسلام، (فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية)، والغاية: هي الراية، وسميت الراية بالغاية؛ لأنها غاية الجيش، يقول عليه الصلاة والسلام: (ثم تكون هدنة بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) أي: من الجنود والمقاتلين.
وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وابن ماجة وابن حبان وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً)، وأظن أن الأمة الآن في مرحلة الصلح والهدنة بلا خلاف، بل وفي مرحلة تحالفات عسكرية بينها وبين الروم من الأوروبيين والأمريكيين، وإن جيوش الأوروبيين والأمريكيين في بلاد المسلمين لمن أعظم الأدلة العملية على ما أقول الآن، أحلاف عسكرية طويلة المدى؛ بل لا أبالغ إن قلت: أحلاف عسكرية إلى الأبد! فالنبي صلى الله عليه وسلم يوضح الهدنة في حديث آخر فيقول: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً، فتنصرون وتغنمون وتسلمون)، أي: ستعقدون معاقدات ومصالحات بينكم وبين أوروبا وأمريكا، (ثم تغزون أنتم وهم عدواً) إذاً: ستكون هناك محالفات بين المسلمين وبين الروم -أوروبا وأمريكا- وسيقاتل الروم مع المسلمين عدواً مشتركاً، لكن السنة النبوية لم توضح لنا هذا العدو المشترك، فهل هذا العدو المشترك سيكون الكتلة الشرقية روسيا والصين؟! وهل سيكون هذا العدو المشترك الشيعة في إيران؟! هذا وارد.
لكن السنة النبوية لم تحدد هذا العدو المشترك الذي سيقاتله الروم مع المسلمين.
وأقرأ عليكم نص الحديث مرة أخرى: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً، فتنصرون وتغنمون وتسلمون)، هذه المعركة التي سيحالف فيها المسلمون أوروبا وأمريكا، وسينتصر فيها هذا التحالف على هذا العدو المشترك، سواء كان هذا العدو روسيا والصين أو الشيعة، فسينتصر هذا الحلف في هذه المعركة، قال: (ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول) انظر إلى كلام النبي الصادق! كأنه يصف أرض المعركة وهو فيها! (ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج -أي: بأرض خضراء يكثر فيها النبات- ذي تلول) وصف عجيب لأرض المعركة! (فيرفع رجل من أهل الصليب صليبه) من الفريق الآخر -فريق الروم: أوروبا وأمريكا- تدفعهم النزعة العصبية: (فيرفع رجل منهم الصليب، ويقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين، فيقوم إليه فيدفعه -وفي رواية: فيقتله- فعند ذلك يغدر الروم، ويجتمعون للملحمة، فيأتون تحت ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفاً).