أما عن آداب الصيام فنذكرها بإيجاز شديد: ١ - السحور؛ لما ورد في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال:(تسحروا فإن في السحور بركة)، ومن المستحب تأخير السحور لما ورد في الصحيحين من حديث أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:(تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة -أي: إلى صلاة الفجر- فقال أنس بن مالك لـ زيد بن ثابت: كم كان بين الأذان والسحور؟ فقال زيد: قدر خمسين آية) أي: بين السحور وبين الأذان، فالمستحب أن يؤخر الصائم السحور.
والسحور يحصل بكثير الطعام وقليله، بل ولو بجرعة ماء.
٢ - تعجيل الفطر لقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد:(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر).
ومن السنة أن يكون إفطار الصائم على رطب، فإن لم يجد فعلى التمر، فإن لم يجد فعلى الماء.
٣ - الدعاء، فإن كثيراً من الناس قد ينسى هذه السنة الطيبة، فإن للصائم دعوة لا ترد، فمن السنة أن يدعو الصائم عند إفطاره، ومن أصح ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ما رواه أبو داود بسند حسن من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم (كان إذا أفطر يدعو الله ويقول: ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى).
٤ - ومن آداب الصيام الواجبة لا المستحبة: ترك الغيبة والنميمة وقول الزور، فإذا صامت بطنك عن الطعام والشراب، وصام فرجك عن الشهوة؛ فلتصم جوارحك عن معصية الله تبارك وتعالى، وهذه هي الحكمة -أصلاً- من مشروعية الصيام، لا أن يدع الإنسان طعامه وشرابه فقط، بل ليتربى الإنسان على كل فضيلة، وعلى كل خلق، فالغيبة والنميمة وقول الزور أعمال محرمة في كل وقت، وتزداد حرمتها في رمضان.
أما قول بعض أهل العلم: إن الغيبة والنميمة تفطران الصائم، واستدلالهم على ذلك بحديث رواه الإمام أحمد في ذكر المرأتين اللتين أفطرتا لأنهما أكلتا لحوم الناس، فإن الحديث ضعيف، ولا دليل على أن الغيبة والنميمة تفطر الصوم، ولكن تزداد حرمتها في رمضان.
هذه بعض آداب الصيام المستحبة والواجبة.
أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.