وهؤلاء هم أصحاب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، جددوا اليقين أيضاً في دنيا الناس.
ومن الجفاء ورب الكعبة ألا أبدأ بـ الصديق أبي بكر صاحب أعلى يقين في الأمة بعد نبينا، كان شعاره دائماً هو اليقين:(أوما سمعت يا أبا بكر؟! يزعم صاحبك أنه أسري به من مكة إلى المسجد الأقصى إلى السماوات العلى وعاد إلى بيته في نفس الليلة؟!) فيرد صحاب اليقين الثابت ويقول: (أوقد قال ذلك؟! فقالوا: نعم.
قال: إن كان قال ذلك فقد صدق!) يقين مطلق!! ويوم مات المصطفى صاح عمر الفاروق الملهم: والله لأعلون بسيفي هذا من زعم أن رسول الله قد مات، فرسول الله ما مات، بل ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى بن عمران، وليرجعن فليقطعن أرجل وأيدي المنافقين الذين يزعمون أنه قد مات، تصور أن هذا الكلام من عمر! وعثمان، وعلي، وجمع من الصحابة طاشت عقولهم، ولم تحملهم أقدامهم! وجاء الصديق بيقين ثابت فدخل غرفة عائشة وتيقن أن الخبر قد وقع، وأن حبيبه قد مات، فكشف الغطاء عن وجهه، وقبل الحبيب بين عينيه، وقال -كما في رواية حسنها الألباني في مختصر الشمائل- منادياً على حبيبه: وآخليلاه وآحبيباه وآنبياه! أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها فلا ألم عليك بعد اليوم، وخرج الصديق فقال: على رسلك يا عمر! فالتف الناس حول أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:١٤٤] لله دره، صاحب أعلى ذروة سنام الصديقية في هذه الأمة، إنه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه.
أيها المسلمون! هل رأيتم يقيناً كيقين رجل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً بالصدقة، فيأتي عمر بنصف ماله! ويأتي الصديق بكل ماله! لا يقدر عليها إلا أبو بكر، فيقول النبي لـ عمر:(ما أبقيت لأهلك؟ فيقول: أبقيت لهم مثله، ويقول النبي للصديق: ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ فيقول له: أبقيت لهم الله ورسوله!).