إن مشكلتنا اليوم ليست نقص في المياه ولا الكهرباء، وليست نقص في الثمرات، ولا في الأرزاق، وليست نقص في العلاج ولا في الإسكان ولا في البناء، وإنما مشكلتنا اليوم هي مشكلة عدم ثقتنا بالله جل وعلا، نحن اليوم لم نعد نثق بالله جل وعلا، إذا ما قلنا: أيها المسئول! لم لا تثق في الله، ولم لا تثق في كلام الله، ولم لا تثقُ في منهج الله، ولم لا تثقُ في شرع الله؟ وجدت أن عدم الثقة واضحةً جليةً وضوح الشمس في ضحاها، يردون عليك بمنتهى الوقاحة وبمنتهى التبجح الممقوت الصارخ، وهم يقولون لك: يا هؤلاء! يا من تنادون بمنهج الله! ويا من تريدون العودة إلى الله! ويا من تصرخون بالصلح مع الله! إذا فعلنا ذلك وأغلقنا (الكبريهات، والكزنوهات) ومنعنا الخمور، وقضينا على شبكات الدعارة، وقبضنا على مافيا المخدرات من علية القوم وسادات الناس، ومنعنا السياحة، فمن الذي يضمن لنا العملة الصعبة؟ إن الذي يضمن لنا ولكم العملة الصعبة والرزق هو الذي خلق الخلق، هو من بيده الرزق، هو من بيده الأمر كله.
فمشكلتنا -أيها الناس- وبلغوا هذا الكلام للجميع، وأنا أصرخ وأناشد المسئولين في هذا البلد، المسئولين عن هذا البلد الطيب: إن مشكلتنا الرئيسية أقسم بالله العظيم لا تكمن في نقص المياه، ولا تكمن في نقص الكهرباء، ولا تكمن في نقص الثمرات، وإنما مشكلتنا هي عدم الثقةٌ بالله الخالق.
إننا نعيش في قحطٍ وضيقٍ وبلاء، نعيش في أزمات تلو الأزمات، ولكن زاد الطين بلة، هذه القرارات الأخيرة، التي خرجوا علينا بها، وملئوا مسامعنا بها على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون، وعبر موجات الراديو والإذاعات، هذه القرارات التي ترفع لأول مرة للمسئولين عن هذا البلد، ما هي هذه القرارات؟ قراراتٌ خطيرة، تنذر بأن الأمر خطير، وبأن المشكلة ليست كلاماً، وإنما هي مشكلةٌ حقيقية، نقصٌ في المياه، ثم بعد ذلك نقصٌ في الكهرباء.
نقص المياه يترتب عليه ماذا؟ يترتب عليه نقصٌ في استصلاح الأراضي الزراعية، ويترتب عليه نقصٌ في الثمرات وزيادة في المشاكل.
نقصٌ في الكهرباء.
ونقص الكهرباء يترتب عليه ماذا؟ تعطيل للصناعات، وتعطيل للمصانع، زيادة للمشاكل والأزمات، والأفواه تصرخ تريد أن تأكل وتريد أن تشرب، ولكن ما هي النتيجة، ما هي الحلول التي خرج علينا بها المسئولون عن هذا البلد، ما هي الحلول التي ذكّرونا بها للخروج من هذه الأزمات، وللخروج من هذه المشاكل؟ أتدورن ما هي؟ كل الحلول التي قرأناها على صفحات الجرائد، والتي سمعناها وشاهدناها أنهم يصرخون في الناس ويقولون: اربطوا على البطون الأحزمة، لا تسرفوا، لا إسراف في المياه ولا إسراف في الكهرباء، هذا أمرٌ طيب، هذا أمرٌ حث عليه الدين من قبل أن تذكرونا به، فلو كان في القلب ذرةٌ من الإيمان لسمعنا قول الله عز وجل، وهو يصف عباد الرحمن بقوله:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}[الفرقان:٦٧].
إذاً: الاعتدال ركنٌ من أركان الإيمان، وركنٌ من أركان الدين، ولكن القضية ليست قضية عدم إسراف، الحل لا يكمن في عدم الإسراف وحده، الحل لهذه المشكلة والخروج من هذه الأزمة لا يكمن في عدم الإسراف وحده، لماذا؟ لأن النتيجة بعد عدم الإسراف، نفد الماء، ونقصت الكهرباء، وعدنا نضرب كفاً على كف ننتظر الفرج من الله.
إذاً: عدم الإفراط ليس هو الحل وحده، إن كان جزءاً من الحل فليس هو الحل كله.
إذاً: ما هي النتيجة؟ هل سمعنا مسئولاً واحداً يذكرنا بالصلح مع من بيده مفاتيح الماء؟! هل سمعنا مسئولاً واحداً يصرخ فينا بالرجوع إلى الله، حتى ممن ولاهم الله قيادة أمر الدين في هذا البلد؟ ما سمعنا مسئولاً يذكرنا بالصلح مع الله، ما سمعنا مسئولاً يذكرنا بالرجوع إلى الله، ما سمعنا مسئولاً يذكرنا بأن نرجع إلى من بيده مفاتيح الماء، إلى من بيده مفاتيح الدنيا والآخرة.