للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمر الحقيقي وكيفية إطالته]

ثالثاً: سؤال قد يستغربه الجميع: كيف يطول عمرك؟! الإنسان مفطور على حب الحياة، ويرجو أن لو طال عمره، بل ويتمنى الخلود إن استطاع، ولكن الموت يختطف الشاب في ريعان شبابه!! ويختطف الفتى المدلل الوحيد من بين أهله!! ويختطف العروس في ليلة عرسها!! ويختطف الحاكم القوي المرهوب من بين حرسه وجنوده!! فالأيام محسوبة، والآجال معدودة، وما دام الموت هو نهاية الحياة فإن العمر حينئذ قصير.

الأيام تمر، والأشهر تجري، والسنين تولي، والعمر ينقضي!! فما دام الموت هو آخر المطاف فالعمر قصير، ولم يستطع العلم -بل ولن يستطيع- أن يرد الشيخوخة إلى شباب، أو أن يحول بين الإنسان وبين الموت، ومع ذلك قد يستطيع الإنسان أن يطيل عمره!! كيف؟! اعلم أيها الأخ الكريم! أن العمر الحقيقي للإنسان لا يقاس بسنواته التي قضاها من يوم ولادته إلى يوم وفاته، وإنما العمر الحقيقي للإنسان يقاس بقدر ما قدم الإنسان في سنوات عمره من عظائم الأعمال، وجلائل الأعمال الخيرات الصالحات الطيبات.

إذاً: عمرك الحقيقي يقاس بعمل الخيرات وبالطاعات.

فكم من عمر طالت آماده، وقلت خيراته وأمداده!! وكم من عمر قلَّت آماده، وكثرت خيراته وأمداده!! فالعمر الحقيقي يقاس بالأعمال يقاس بالطاعات، ولا يقاس بالسنوات، فكم من أناس قد مكثوا مائة سنة أو يزيد، ومع ذلك رصيدهم عند الله صفر أو دون الصفر بلغة المصارف والبنوك.

بل عليه من الأوزار والذنوب ما تنوء بحملها الجبال، ومن الناس من يقضون سنوات قليلة: قد يموت الشاب في الثلاثين من عمره، أو في الأربعين من عمره، ورصيده عند الله جل وعلا مشرق منير، وعمره عند الله جل وعلا عظيم كبير؛ لأن الأعمار لا تقاس بالسنوات، وإنما تقاس بأعمال الخيرات والبر والطاعات.