للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة عزير ودلالتها على كمال قدرة الله تعالى]

قال سبحانه في سورة البقرة في قصة عزير: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:٢٥٩] مر عزير على قرية بيت المقدس، بعدما دمرها الله تعالى وأصبحت القرية خاوية على عروشها، فمر ووقف على هذه الأطلال ثانية، وتعجب وقال: هل يحيي هذه الله بعد هذا الموت والدمار والفناء؟! فأماته الله عز وجل مائة عام كاملة.

أيها الأحبة: أماته الله مائة عام وأحياه مرة أخرى؛ ليبرهن للناس أنه على كل شيء قدير.

وبعد ما أحيا الله عزيراً سأله عن طريق الملك: كم لبثت؟ فنظر -كما يقول الإمام ابن كثير - فوجد أن الشمس ما زالت باقية، فظن عزير أنها شمس نفس اليوم الذي نام فيه، {قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة:٢٥٩] والدليل على ذلك -انظر إلى وجه المقارنة الأول الثابت الذي لا يتغير- {انْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة:٢٥٩] أي: لم يتغير لونه ولم يتغير طعمه -وانظر إلى الوجه الآخر من وجوه المقارنة- {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ)) [البقرة:٢٥٩] فنظر إلى الحمار فوجده عظاماً بالية، قد تحول إلى رميم، وتراب، فهل يتحول هذا التراب بعد هذه الحالة التي وصل إليها إلى حالة كاملة مرة أخرى من الخلق؟!