[معتقد الشيعة والرافضة في الإمامة والأئمة]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً -أيها الأحبة الفضلاء! - وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً.
وأسأل الله جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى، في جنته ودار مقامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله! لا زلنا نواصل حديثنا في دروس العقيدة عن الركن الخامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ألا وهو الإيمان باليوم الآخر، ولا زال حديثنا متواصلاً وممتداً أيضاً عن الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعها بين يدي الساعة، كعلامة من العلامات الصغرى.
وقد تحدثت قبل عن فتنة الخوارج وعن فتنة الروافض، وأختم اليوم الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض؛ وقد كنت بينت معتقد الشيعة الروافض في كتاب الله جل وعلا، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف أجمل في هذا اليوم معتقد الشيعة الروافض في عقائدهم الأخرى التي شذوا بها عن أهل السنة والجماعة، وسأتحدث عن الشيعة الروافض في نقاط محددة، وسأبين أولاً: معتقدهم في الإمامة.
ثانياً: في عصمة الإمام.
ثالثاً: في التقية.
رابعاً: في الرجعة.
خامساً: في البداء.
سادساً: في الغيبة.
وأكون بذلك -ولله الحمد- قد بينت معتقد الشيعة مجملاً، ولن أتوقف فيما يخالف فيه الشيعة أو الروافض أهل السنة في المسائل الفقهية، وإلا لاحتجنا إلى عشرات المحاضرات بلا مبالغة، وإنما يكفي أن أبين مجمل معتقد القوم؛ ليكون كل مسلم على بصيرة، وهذا الكلام لا يستغني عنه مسلم أو مسلمة، لا سيما ونحن نعلم يقيناً أن الروافض والشيعة قد انتشرت انتشاراً ساحقاً الآن في الأرض، نسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الحق، وأن يتوفانا عليه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تركزوا معي في هذا الموضوع الذي سأنهي به الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض أو الشيعة، وسيتبين للجميع مجمل معتقد القوم، بعدما وقفنا على معتقدهم في القرآن وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
أولاً: معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة: تحدثت قبل عن مجمل معتقد الشيعة أو عن إشارات في معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة، والإمامة لها -عند الشيعة أو عند الروافض- مفهوم خاص، ينفردون به عن سائر المسلمين على ظهر الأرض، فهم يتعقدون أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة تماماً، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزات التي تبين أن هذا النبي أو الرسول مرسل من عند الله جل وعلا، فهم يعتقدون كذلك أن الله تبارك وتعالى كما يختار الأنبياء والرسل يختار الأئمة، ويأمر الله عز وجل نبيه بالنص على الإمام، وأن ينصبه -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- إماماً للناس من بعده.
هذا كلام الشيعة أو الروافض في قضية الإمامة، فهم لا يفرقون بين الرسول والنبي والإمام تفريقاً ظاهراً.
وتدبر معي -مثلاً- هذا النص من كلام الكليني في (الكافي) في كتاب الحجة، في باب: الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، المجلد الأول (ص:١٧٦)، يقول: أما الفرق بين الرسول والنبي والإمام عندهم، فقد سئل الرضا: ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ فقال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام أن الرسول هو الذي ينزل عليه جبريل فيسمع -أي: الرسول صلى الله عليه وسلم- كلامه ويراه -أي: يرى جبريل عليه السلام- وينزل عليه الوحي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينزل عليه جبريل فيراه ولا يسمع منه -وهذا تقسيم عقيم جداً- وأما الإمام فهو الذي يسمع الكلام ولا يرى جبريل عليه السلام.
وهذا النص لا شك أنكم تقفون من خلاله على أنهم لا يفرقون إطلاقاً بين الرسول والنبي والإمام في قضية نزول الوحي، فهم يرون نزول الوحي على الإمام كنزوله على النبي والرسول، فهم يقرون بأن الإمام من أئمتهم هو الذي يسمع الوحي من جبريل عليه السلام، ولكنه لا يراه رأي العين.
مع أن هناك روايات تؤكد تحقق رؤية الإمام للملائكة، حتى قال عالمهم الشهير المجلسي الذي عقد في (البحار) -الكتاب المشهور الذي نقلت عنه كثيراً- باباً بعنوان: باب أن الملائكة تأتيهم -أي: تأتي الأئمة- وتطأ فرشهم، وأنهم يرونهم.
أي: وأن الأئمة يرون الملائكة.