للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التورع في الأقوال والأفعال]

وأخيراً: لابد من أن نتورع في أقوالنا، وأفعالنا، فإنني أرى كثيراً من أحبابنا وإخواننا لا يتورعون أن يحكموا حتى على النيات، وعلى نيات من؟ على نيات بعض العلماء وبعض الدعاة وبعض أهل الخير من المصلحين الصالحين، وهذه مزلة خطيرة أيها الأخيار الكرام! لأن النية لا يعلم بها إلا الله جل وعلا، أما نحن فلا ينبغي أن نتعدى الحكم على الظواهر، أظهروا لنا أحسن أعمالكم، والله أعلم بالسرائر، كما قال فاروق الأمة رضي الله عنه وأرضاه.

فينبغي أن نتورع في أقوالنا في الحكم على الناس، لاسيما على العلماء وعلى الدعاة، ونحن نرى حملة شرسة ضارية في الإعلام الغربي وذيوله على الإسلام بصفة عامة، وعلى العلماء والدعاة الصادقين بصفة خاصة، وقد ينجر بعض المسلمين الكرام في ترديد هذه الأقوال وهذه الإشاعات على علماء الأمة ودعاتها دون تورع أو دون خجل أو وجل، والله تبارك وتعالى يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨]، والله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات:١٢]، قال جمهور المفسرين: والظن الذي أمر الله عز وجل أن ينتهي المسلمون عنه هو ظن السوء والشر بأهل الخير والصلاح.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً فيرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في جهنم).

وأختم بقولة الحافظ الكبير ابن عساكر رحمه الله تعالى إذ يقول: اعلم يا أخي! وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني الله وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته: بأن لحوم العلماء مسمومة، وأن عادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب.

أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذه الصحوة صحوة راشدة، صحوة مثمرة، صحوة قوية بناءة، وأن يجعلها سبب خير للإسلام والمسلمين.

اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكس المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز المسلمين، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ وأهل الفساد برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا وارحمنا إنك أنت التواب الرحيم.

اللهم وفق حكام المسلمين إلى ما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين! اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره برحمتك يا أرحم الراحمين! أيها الأحبة! أكثروا من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد كما أمرنا الله جل وعلا بذلك في محكم كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه، هذا وما كان من توفيق فمن الله، ومن كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء.