يقين خبر: وهو سكون القلب إلى الخبر ووثوقه به، فكيف يكون السكون؟! وكيف تكون الثقة لخبر عن الله وعن الصادق رسول الله؟! هل ارتقت الأمة إلى درجة يقين الخبر؟! هل تصدق الأمة الآن بأخبار ربها ونبيها؟! والجواب بملء الفم وأعلى الصوت: لا، إلا من رحم ربك من أفراد الأمة، انظر إلى واقع الأمة لتعلم علم اليقين أن الأمة الآن -إلا من رحم ربك من أفراد، وأسأل الله أن نكون من هذه القلة الموقنة- تثق في بعض دول الأرض أكثر من ثقتها في رب السماء والأرض! ما زالت الأمة إلى هذه اللحظة تعتقد أن حل قضيتها عند الشرق الملحد أو الغرب الكافر.
جربت الأمة الشرق فذلت، وجربت الأمة الغرب فهانت، وإلى هذه اللحظة ما جربت أن تلجأ إلى ملك الملوك، وأن تثق فيه وحده، وأن تمتنع به وحده، وأن تحتمي به وحده، وأن تلجأ إليه وحده، وهي على يقين مطلق بالثقة في أخباره سبحانه وفي أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم! فيقين الخبر هو سكون القلب ووثوقه بالخبر، فكيف يكون اليقين؟! وكيف تكون الثقة إذا كان الخبر عن الله جل وعلا وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؟! قال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء:١٢٢]، وقال الله تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}[النساء:٨٧]، وقال في حق حبيبه:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:١ - ٤].
وقال تعالى في حق حبيبه:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام:٣٣]، هل تعلم أن هذه الآية نزلت في شأن الكفار؟! فلقد انفرد الأخنس بن شريق بـ أبي الحكم في الشام بعد غزوة بدر، وقال الأخنس لـ أبي جهل: يا أبا الحكم لا يسمعنا أحد، أسألك بالله أمحمد صادق أم كاذب؟ فقال أبو جهل: ويحك يا أخنس، والله إن محمداً لصادق، والله إن محمداً لصادق، فنزل قوله تعالى:{فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[الأنعام:٣٣]، وقال تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[الصافات:٣٥ - ٣٦]، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
فيقين الخبر أن تثق في خبر الله، وفي خبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه.