[النبي صلى الله عليه وسلم يصدر العفو العام عن قريش]
وفتح الباب مرة أخرى وخرج فوجد قريشاً قد ملأت بيت الله الحرام، ينتظرون ماذا يفعل فيهم اليوم إمام الرحمة وينبوع الحنان صلى الله عليه وسلم.
فخرج إليهم النبي عليه الصلاة والسلام، ونظر إليهم وقد وجمت الأبصار وشخصت، وصمتت الأنفاس، ونظروا إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقال الحبيب:(لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش! إن الله تعالى قد أذهب عنكم عبِّية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، كلكم لآدم وآدم من تراب {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:١٣] ثم قال: يا معشر قريش! ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال الحبيب: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء).
والحديث أخرجه ابن إسحاق وأبو داود وابن ماجة والنسائي والدارقطني، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ولكن حديثه حسن بالشواهد، ويشهد للحديث حديث أبي هريرة في مسند الإمام أحمد، فالحديث حسن بشواهده إن شاء الله تعالى.
هذه هي رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم اليوم، كما قال سعد بن عبادة حينما مر عليه أبو سفيان، قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل فيه الحرمة، اليوم أذل الله فيه قريشاً.
فلما بلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا.
اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً).
صلى الله وسلم وبارك على إمام الهدى ونهر الرحمة وينبوع الحنان، وأسأل الله جل وعلا أن يجزيه عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.