التغيير بالقلب يكون بشرطين: الشرط الأول: أن يرى الله منك بغضك لهذا المنكر، فلا تقعد أمام التلفزيون تشاهد الفيلم الداعر أو المسلسل الفاجر وحين يجيء فيه مشهد راقصة عارية تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله! لا حول ولا قوة إلا بالله! فأنت بهذا تضحك على نفسك، وهذا كلام لا يليق على الإطلاق.
فأول شرط من شروط الإنكار بالقلب أن يحترق قلبك عند أن ترى منكراً والشرط الثاني من شروط التغيير بالقلب: أن تفارق المكان الذي يرتكب فيه المنكر؛ لأنك عاجز عن تغييره، فإذا كنت قاعداً في مجلس فيه الغيبة والنميمة التي أصحبت فاكهة المجالس فانههم، وقل لهم: اتقوا الله يا إخوان! وكل واحد يمسك لسانه، فإن لم يستجيبوا لك أو لم تستطع أن تغير فقم من هذا المجلس.
وبعض الناس ورع عن الحرام، لكنه لسانه ينهش في أعراض الأحياء والأموات، فاتقوا الله! أيها الإخوة؛ فإن الأمر كما قال جل وعلا:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق:١٨]، فكل كلمة تسجل على قائلها.
فإذا رأيت جماعة مصرين على الغيبة أو النميمة فقم فوراً، وانتبه أن تجلس، قال عز وجل:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}[الأنعام:٦٨]، ومن رحمة ربنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى إنكار القلب جهاداً، وفي هذا تسلية للمسكين الذي لا يقدر أن يغير بيده ولا بلسانه، فمن كان كذلك فليغير بقلبه؛ وهذا رحمة من الله بك أنك لو أنكرت المنكر بقلبك فأنت أيضاً مجاهد في سبيل الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن).