أيها الأحبة في الله: لقد رأينا المساجد معطرة في رمضان بأنفاس الصائمين، وشهدنا المساجد عامرة في رمضان بصفوف المصلين، وسمعنا للمساجد في رمضان دوياً بكتاب رب العالمين، وأسعد قلوبنا في رمضان تسابق أهل البر والجود من المحسنين، ولكن مما يؤلم القلب ويحزن النفس ويدمي العين، أن نرى المساجد بعد رمضان مباشرة خالية خاوية تشتكي حالها إلى الله جل وعلا، وأن نعرض إعراضاً عن كثير من الطاعات والعبادات التي افترضها علينا رب الأرض والسماوات، وكأن الناس في رمضان يصلون لرب، ويقرءون القرآن لرب، ويعتكفون في المساجد لرب، ويتسابقون في أصناف البر والجود لرب، فإذا ما انتهى شهر رمضان وجاءت الشهور الأخرى كأن لهذه الشهور ربّاً غير رب رمضان والعياذ بالله.
إن رب رمضان هو رب بقية الشهور:(يا أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت)، نرى المساجد بعد رمضان خالية تشتكي حالها إلى الله جل وعلا! أين المصلون أين الصائمون أين القائمون والتالون لكتاب رب العالمين أين المحسنون وأين المنفقون بعد رمضان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون؟