الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! لا تيئسوا من روح الله، أين الصليبيون الحاقدون الذين قاموا بالهجمات والغزوات الصليبية الحاقدة على الإسلام؟! وأين التتار؟! وأين القرامطة؟! وأين المرتدون؟! وأين الإنجليز؟! وأين الفرنسيون؟! وأين؟ وأين؟ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:٣٦]، هل تصدقون رب العالمين؟! هذا كلام ربنا:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات:١٧١ - ١٧٣]، وقال جل وعلا:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء:٨١]، فمهما انتفخ الباطل وانتفش فإنه زاهق، ومهما انزوى الحق وضعف فإنه ظاهر، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[الصف:٨ - ٩].
وقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والطبراني من حديث تميم الداري:(ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار)، والله إننا نصدق ربنا ونبينا مع شراسة الحرب وضراوتها (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر).
أيها المسلمون! إننا على يقين جازم -مع علمنا بالواقع جيداً- أن الجولة المقبلة للإسلام ولدين النبي عليه الصلاة والسلام، لموعود الله ولموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أقول هذا من باب الرجم بالغيب، ولا من باب الأحلام الوردية للآلام التي نحملها، ولا من باب ضغط الواقع، فإن من أعظم الأدلة على أرض الواقع: أن النهضة الفكرية الحديثة قد انقلبت إلى ظلام فكري دامس، وأن رواد جيل النهضة يرقصون الآن رقصة الموت، كان رواد جيل النهضة يتصورون أن كتاباتهم ومؤلفاتهم وأقلامهم ستربي وستخرج جيلاً لا يعرف الله! وقد جاء صحفي علماني إلى هذا المسجد، فلما رأى هذا المشهد من جموع المصلين؛ هاله الموقف إذ إنه كان يظن أن الإسلام قد انتهى.