[ستشرق شمس الإسلام من جديد]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: أيها الأحبة: وستشرق شمس الإسلام من جديد: أنا لا أقول هذا رجماً بالغيب، ولا أقول ذلك من باب الأحلام الوردية الجاهلة، ولا أقول ذلك من باب السياسة القاصرة، بل ولا من باب ضغط الواقع بجراحه وآلامه، إنما أقول ذلك من منطلق حقائق الوحي الرباني والنبوي قال الرب العلي، وقال الحبيب النبي.
تدبروا معي هذه العبارة: (لو حورب دين على وجه الأرض بمثل ما حورب به الإسلام لما بقي لهذا الدين على وجه الأرض من سبيل).
من أول لحظة ارتقى فيها المصطفى جبل الصفا، وأعلن هذا الإسلام، ورفع رايته، وإذ بمكة بكل أهلها ترغي وتزبد، وتدق طبول الحرب وتتوعد.
أين كل العداء والحرب على الإسلام؟ هلك وبقي الإسلام، وسيبقى شامخاً ليعانق كواكب الجوزاء؛ لأن الذي وعد بإبقائه وإظهاره على الدين كله هو خالق الأرض والسماء، فاملأ قلبك رضاً وطمأنينة، فنحن لا نخشى على الإسلام، ولكن نخشى على المسلمين إن هم تخلو عن الإسلام، فسيضربون بالنعال، وسيشربون كئوس الذلة والمهانة إن هم تخلوا عن أصل عزهم ونبع شرفهم ومعين كرامتهم ووجودهم ألا وهو الإسلام.
الإسلام دين الله، لا تملك أمريكا ولا بريطانيا ولا فرنسا ولا إيطاليا ولا روسيا، ولا تملك قوة على وجه الأرض أن تستأصله، أو أن تطمس نوره؛ لأنه نور النور، قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:٨]، تدبر اللفظ القرآني تدبر الكلمات القرآنية الجميلة {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:٨]، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:٩].
وأنا أعترف أنني ما ذقت حلاوتها وما عرفت هذه المعاني الجليلة التي تتضمنها هذه الآية إلا في هذه الأيام القليلة الماضية ورب الكعبة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: ٣٦]، صاروخ تزيد قيمته على مليوني دولار يسقط على خيمة قيمتها لا تزيد على عشرة دولارات كما صرح بذلك وزير الدفاع الأمريكي، بل ولقد نجح إخواننا في أفغانستان أن يضعوا أهدافاً وهمية -كما قرأت لطيار أمريكي يقول: نأخذ الخطة والهدف، وأصعد بحمولة الطائرة، وأصعد في السماء فلا أرى الهدف- أو إن شئت فقل -وأنا والله لا أستبعد ذلك ولا أستكثره على رب البرية- إن الله عز وجل قد يستجيب لدعوة مخلص صادق فينا يقول: اللهم شتت رميهم فيشتت الله رميهم، وأنا لا أستبعد ذلك.
لقد صرح جنرال روسي وقال في حربهم مع الشيشانيين: إننا نرى عجباً مع هؤلاء، نخرج عليهم بعد تصويرنا لهم، فإذا انطلقنا وقربنا من هذا الهدف لا نرى شيئاً، فإذا هممنا بالانصراف رأيناهم يخرجون علينا، وهم يحرصون على الموت ولا نعلم من أين خرجوا؟! وعرفت بعد ذلك من خلال الأخبار التي تأتي على شبكة الإنترنت، وتعجبت من هذا الخبر، أن إخواننا يختبئون في مواسير الصرف الصحي، ثم تخرج عليهم مجموعات بعد ذلك بصورة تملأ قلوب الروس بالرعب والفزع؛ لأنهم يحرصون على الموت كحرص الروس على الحياة، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال:٣٦]، ليس لحرب الإرهاب بل لحرب الإسلام.
أي إرهاب؟ إلى الآن لم تقدم أمريكا دليلاً واحداً تدين به المسلمين {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} [الأنفال:٣٦]، هل تذوقت حلاوة اللفظة (ثم تكون عليهم حسرة).
{ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:٣٦]، هل تصدقون الله؟ {ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] أي: لتتم هنالك في جهنم حسرتهم الكبرى.
قال جل وعلا: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ} [يوسف:١١٠]، فلم يقل: حتى إذا استيئس المؤمنون بل الرسل، {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} [يوسف:١١٠]، فالنصر من عنده، والله الذي لا إله غيره ما كان النصر أبداً بعتاد ولا عدد ولا عُدد {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران:١٢٦].
أنا أعي ما أقول: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:١٢٦] {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:١١٠].
قال جل وعلا: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:١٧١ - ١٧٣] اللهم اجعلنا من جندك يا رب العالمين!