قال تعالى:{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل:٨٧] هذه هي نفخة الفزع التي تحول هذا الكون كله إلى كون انقلبت كل ذراته؛ انقلب كل كيانه، ولو أردت أن تتعرف على هذا الانقلاب الهائل ما عليك إلا أن تقرأ سورة التكوير، والانفطار، والانشقاق:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير:١] ذهب ضياؤها وراح نورها {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}[التكوير:٢] تناثرت من عقدها البديع الفريد {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}[التكوير:٣] هذه الجبال العملاقة تتحول إلى عهن منفوش {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً}[طه:١٠٥ - ١٠٧]{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}[التكوير:٣ - ٤] العشار هي: النوق الحبالى، وهي من أغلى ما يمتلكه العربي في أرض الجزيرة، فإذا نفخ في الصور نفخة الفزع، نظر إليها ولم يعبأ بها؛ لأنه قد وقع به ما يشغله.
{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:٥] الوحوش! المفترس مع الأليف الوديع، قد جاء منكسراً ذليلاً إلى الله جل وعلا، فلا يخشى الوديع من المفترس، ولا ينقض المفترس على الأليف؛ لأن الكل قد وقع به ما يشغله {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير:٦] هذه البحار التي جعلها الله سبب الحياة، يتحول ماؤها إلى براكين نارية {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}[التكوير:٣] إلى آخر الآيات، يتحول هذا الكون كله إلى شيء آخر:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:٤٨].