للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرحة الله بتوبة العبد]

يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الصحيحين من حديث أنس: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته في أرض فلاة، فانفلتت منه راحلته وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا به يرى راحلته قائمةً عند رأسه، فأخذ بخطامها وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك -يقول المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أخطأ من شدة الفرح).

أيها الحبيب: فرح الله بتوبتك إليه أفرح من هذا العبد بعودة راحلته إليه.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل الأول -يتنزل ربنا نزولاً يليق بكماله وجلاله- ثم ينادي رب العزة ويقول: أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر).

وأختم بهذا الحديث الذي رواه البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى يوماً امرأة في السبي تبحث عن ولدها، فلما وجدته ألزقته ببطنها فأرضعته، فالتفت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هذا المشهد الحاني وقال لأصحابه: أترون هذه الأم طارحة ولدها في النار؟! قالوا: لا يا رسول الله، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لله أرحم بعباده من رحمة هذه الأم بولدها).

قال أحد أهل العلم: اللهم إنك تعلم أن أمي هي أرحم الناس بي، وأنا أعلم أنك أرحم بي من أمي، وأمي لا ترضى لي الهلاك والعذاب، أفترضاه لي أنت وأنت أرحم الراحمين؟! اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر.

اللهم اغفر لنا الذنوب، واستر لنا العيوب، وفرج عنا الكروب، وتقبل منا صالح الأعمال، برحمتك يا أرحم الراحمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.