أيها الأخيار الكرام! إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض، والأيام دول كما قال الله جل وعلا:{وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:١٤٠]، ولا زال هذا الإسلام العظيم منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره مستهدفاً من قِبَلِ أعدائه الذين لا يتفقون على شئ قدر اتفاقهم على الكيد للإسلام، واستئصال شأفة المسلمين، ولا زال التحدي قائماً إلى يومنا هذا، بل وأعلن الأعداء بسفور ووضوح عن مؤامرتهم الحقيرة الرهيبة، فقبل أربعين سنة وقف رئيس وزراء إسرائيل (ابن غوريون) في هيئة الأمم بعد أن اعترف العالم كله بالُغدَّة السرطانية الخبيثة التي تسمى بدولة إسرائيل التي أعلن عن قيامها فوق الثرى الطاهر والأرض المباركة، فوق مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وقف رئيس وزراء هذه الغدة السرطانية المدمرة ليعلن للعالم كله عقيدة اليهود في فلسطين، وأتمنى أن تعلم الأمة هذه العقيدة؛ لتعلم يقيناً أن اليهود لا يتكلمون في مؤتمرات ولا في مفاوضات إلا من خلال عقيدتهم المبدلة المحرفة المغيرة التي يعتنقونها، ويجلونها، ويحترمونها وهم على الباطل؛ في الوقت الذي تنكّر فيه أهل الحق للحق الذي من أجله خلق الله السموات والأرض!!! قال رئيس وزراء إسرائيل في اللحظات الأولى لميلاد دولة إسرائيل قبل أربعين سنة تقريباً بالحرف الواحد: قد لا يكون لنا في فلسطين حق من منطلق سياسي أو قانوني، ولكن لنا في فلسطين الحق من منطلق وأساس ديني، فهي أرض الميعاد التي وعدنا الله، وأعطانا الله إياها من النيل إلى الفرات، وإنه يجب الآن على كل يهودي أن يهاجر إلى أرض فلسطين، وعلى كل يهودي لا يهاجر اليوم إلى إسرائيل بعد إقامتها أن يعلم أنه مخالف للتوراة، وأنه يكفر كل يوم بالدين اليهودي!! ثم قال: لا معنى لفلسطين بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل، ولا معنى لقيام دولة إسرائيل بدون فلسطين!! وأقول: اعلموا يقيناً أن هذه عقيدة لا تتبدل ولا تتغير بتغير رؤساء الوزراء، وهذا ما أصله رئيس وزراء إسرائيل (نتنياهو) يوم أن نجح في الانتخابات الأخيرة وقال: لقد صَوَّت اليهود أخيراً للتوراة!! ثم قال بمنتهى الوضوح: لا مجال للحديث في أى مفاوضات عن تقسيم القدس، فإن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل!! أيها الأحباب! هذه عقيدة لليهود، فالصراع بيننا وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود.
واعلم يقيناً أن اليهود ما تنازلوا عن (أريحا) إلا لأنهم يقرءون في التوراة المحرفة المبدلة قولة تقول: (ملعون من سكنها)، فما تنازلوا عنها إلا من أجل عقيدة يعتنقونها ويعتقدونها، أما القدس فلا.
فمهما طالت المباحثات، ومهما جلسوا على مائدة المفاوضات؛ فلن يتخلى اليهود عن القدس أبداً، فهذه عقيدتهم التي يجلونها ويعتمدونها ويحترمونها، ولا مانع عند اليهود أن يبذلوا لها الدماء والأموال والرءوس، فإن صراعنا مع اليهود ليس صراع أرض وحدود، ولكن صراعنا معهم صراع عقيدة ووجود.