إن ما سبق يجرنا للحديث عن العنصر الثاني ألا وهو: مأساة من الواقع، وهذه طالعتنا به جرائدنا السوداء التي راحت هي الأخرى تنم عن نفسها بمنتهى الصراحة والوضوح كوضوح الشمس في رابعة النهار، طالعتنا الجرائد بمأساة وسوف ألخصها بقدر ما يسمح به الحياء والمقام، وتتلخص هذه المأساة في قصة امرأة غاب عنها زوجها وترك لها من وسائل الإفساد والفساد ما الله به عليم؛ ترك لها التلفاز ذلك الصنم الأكبر، ذلك الشيطان الذي جثم على الصدور في البيوت والقلوب، ودخل عقر دور المسلمين برغبتهم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- يبث الرذيلة بثاً، ويدمر الأخلاق تدميراً على مرأى ومسمعٍ منا، وكان لبناتها غرفة خاصةٌ بهن، أودعت بداخلها التلفاز والفيديو -احذر أيها المسلم! احذري أيتها المسلمة- تركت لبناتها في غرفتهن التلفاز والفيديو، وبعد مرور الزمان ومضي الأيام دخلت البنات بشريطٍ جنسيٍ -والعياذ بالله- ليشاهدنه في غرفتهن الخاصة، وأصبح الأمر عادياً لدى البنات بعد ذلك، والأب مشغول، والأم مشغولة لا تدري عن حال بناتها شيئاً، ولا يعلم الأب عن حال بناته شيئاً، إنه مشغولٌ بهذا أو ذاك، ودخل عم البنات يوماً عليهن، وكان يدخل كعادته بغير ضوابط وبدون قيود وشروط، أمر عادي، إنه عم البنات، إنه أخو الزوج، فما في ذلك؟ ما هذا التنطع والتشدد؟ دخل العم كعادته فما الذي جرى؟ دخل إلى غرفة البنات وهو لا يعلم شيئاً، وبتلقائية طبيعية وضع يده على زر جهاز الفيديو اللعين ليشغل الجهاز ليقضي الوقت حتى ترجع البنات، وإذ به يرى الفاجعة الكبرى، يرى الشريط الذي نسي في هذا الجهاز، ويضعف هذا الرجل أمام هذه المناظر التي تحول العباد الزهاد إلى فساق فجار، يضعف ويجلس ليرى، وتدخل عليه زوجة أخيه بكأس من الشاي قد أعدته له، فترى المرأة ما يحول التقيات الطاهرات إلى فاسقات ماجنات، وباختصار بقدر ما يسمح به الحياء والمقام أوقع الشيطان بينهما فزنى بها.
والمؤلم في هذه المأساة -يا عباد الله- أن المرأة تقول: إن الأمر أصبح عادياً، بعد ذلك كثرت هذه الكبيرة وهذه المعصية، والذي يزعجها على حد قولها: أنها أرسلت رسالة إلى أهل الفتوى من العلماء والدعاة تقول: إن ما يزعجني في هذه الأيام أنني حاملٌ من أخي الزوج، فماذا أصنع؟! إنا لله وإنا إليه راجعون! هذه ثمرة حنظلٍ مرّة من ثمرات البعد عن كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أن عاند الناس شرع ربهم ونبيهم، هذه هي الثمار -يا عباد الله- هذه هي الثمرات المرة التي نجنيها من وراء عنادنا لشرع الله وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول حذرك تحذيراً صريحاً، وقال:(الحمو الموت) فأبيت إلا أن تعاند أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: أنا أثق في أخلاق زوجتي ولا أشك في تربيتها، وأثق في أخلاق أخي ولا أشك في تربيته، هذا -يا عبد الله- لا ننكره، ولكن المرأة تضعف أمام شهوتها، وكذلك الرجل، إلا من عصم الله جل وعلا، وإلا من رحم الله جل وعلا.