[إجلاء النبي صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير وسبب ذلك]
وفي السنة الرابعة دبر يهود بنو النضير مؤامرة حقيرة لاغتيال البشير النذير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فيوم أن انطلق إليهم النبي لتحصيل الدية جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار جدار من جدران اليهود، وخلا اليهود المجرمون ببعضهم البعض وقالوا: لن نجد الرجل في مثل هذه الحالة، فمن منكم يقوم إلى صخرة كبيرة فيلقيها من فوق سطح هذه الدار على رأس هذا الرجل ليريحنا منه! فانبعث أشقى القوم عمرو بن جحاش بن كعب، وقال: أنا لها، فقام عمرو بن جحاش وصعد إلى سطح هذه الدار، وأتى بصخرة كبيرة ليلقيها على رأس سيد الرجال صلى الله عليه وسلم، ولكن:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:٣٠]، فأطلع الملك عز وجل نبيه على المؤامرة، فقام النبي مسرعاً في الحال، وقام معه أصحابه رضوان الله عليهم.
فلما أخبرهم بالخبر قالوا: يا رسول الله! لابد من إجلاء هؤلاء، فانطلق النبي مع أصحابه البررة الأطهار فحاصروا يهود بني النضير؛ فأخزاهم الله، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وأجلاهم رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيهم أنزل الله جل وعلا سورة الحشر بأسرها، وفيها يقول الحق جل وعلا:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ * وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ}[الحشر:٢ - ٣].
وهكذا أجلاهم الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.