للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخمس الخصال الموجبة للبلاء]

اسمع لحبيبك المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة في سننه والحاكم في المستدرك والبزار والبيهقي، وصحح الحديث الشيخ الألباني في صحيح الجامع من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يا معشر المهاجرين! خصال خمس إن ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم) ما سمعنا أبداً من قبل بمرض نقص المناعة الذي يسمى (الإيدز)، ما سمعنا عنه، وما عرفناه، ولو فتشت ونقبت في الدراسات والأبحاث لعلمت أن الشواذ من أهل الزنا، وممن يفعلون فعل قوم لوط، هم الذين يصابون بهذا المرض الخطير، وآخر الإحصائيات أن من تسعين إلى اثنين وتسعين بالمائة من الشواذ جنسياً هم الذين يصابون بهذا المرض الخطير، مرض نقص المناعة الذي يعرف الآن بالإيدز، بل لقد بلغ عدد المصابين بهذا المرض من هؤلاء الشواذ في قلعة الكفر أمريكا ما يزيد عن عشرين مليوناً! إنه وعد الله، ووعد الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان)، والله لقد وقع الأمر، نقصت الأمة المكيال والميزان فشدد الله عليها، نرى الأمة الآن تعيش في ضنك، لا يمكن بأي حال أن يعبر أهل اللغة عن هذا الضنك إلا بقول الله: {مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:١٢٤]، إنه الضنك في الأرزاق الضنك في الصدور الضنك في النفس الضنك في الأخلاق الضنك في كل شيء.

(ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا) الله أكبر! (لولا البهائم لم يمطروا) ومن الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب: (إن سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام خرج مع بني إسرائيل يوماً من الأيام ليصلي بهم صلاة الاستسقاء؛ لينزل الله المطر، ومر سليمان على وادي النمل، فرأى نملة قد رفعت قوائمها تناجي ربها جل وعلا وتقول: يا رب نحن قوم من خلقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم! فاستجاب الله وأنزل الله المطر! فالتفت سليمان الذي استمع إليها إلى بني إسرائيل قائلاً: يا بني إسرائيل توبوا إلى الله واستغفروه، فوالله إن الله قد أتى بفرجه لكم استجابة منه لدعاء نملة)، الله أكبر! والله لولا البهائم لخسف الله بنا، وصب الله علينا العذاب صباً.

(ولم يمنعوا زكاة أموالهم) من الذي يؤدي زكاة ماله في غاية الحب لله والرضا عن تشريع الله؟! بل إننا نرى الأغنياء الآن يتحايلون من أجل أن يمنعوا زكاة أموالهم، ومن أجل أن يمنعوا حقوق الفقراء التي أوجبها الله عز وجل عليهم في أموالهم.

(ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدواً من غيرهم فيأخذ بعض ما كان في أيديهم) وهذا واقع مر، فلقد سلط الله علينا أخس أمم الأرض، وأحقر أمم الأرض، وأذل أمم الأرض، فقد طمع في الأمة الذليل قبل العزيز، والضعيف قبل القوي، والقاصي قبل الداني، وأصبحت الأمة اليوم قصعة مستباحة لكل أمم الأرض، بل ولعباد البقر من أذل وأحقر أمم الأرض، بل لإخوان القردة والخنازير من أذناب يهود الذين يضربون الأمة على أم رأسها بالنعال في الليل والنهار، لماذا؟ لأن الأمة قد نقضت عهد الله ونقضت عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما قال الحبيب في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: كلا، ولكنكم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل! وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).

واسمع إلى الخصلة الخامسة أيها الحبيب: (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم شديد) ووالله لقد نحّى الأئمة كتاب الله، بل وسخروا من كتاب الله، بل واستهزءوا بكتاب الله، بل ومن أبناء الأمة من قال بالحرف الواحد: إن الشريعة اليوم لم تعد تتفق مع روح هذا العصر! وإذا أرادت الأمة الحضارة والرقي فيجب عليها أن تنحي شريعة الله! فإنها ما جعلت إلا للمساجد، ويجب عليها أن تنطلق لتأخذ بقوانين الشرق الملحد، وبقوانين الغرب الكافر.

وبهذا خابت الأمة وخسرت، ورضي الله عن فاروقها الملهم إذ يقول: (لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله) وورب الكعبة! لقد ابتغت الأمة العز في غير الإسلام؛ فأذلها الله ذلاً لا يستطيع أهل البلاغة والبيان أن يصفوه على الإطلاق.

إنها المعصية أيها الأحبة! إنه شؤم المعاصي، إنها آثار المعاصي، إنه حصاد المعاصي المر، فالمعصية سبب لكل شقاء، وسبب لكل بلاء.