الشرط الثالث: القبول، والقبول معناه: أن نقبل كل ما جاءت به لا إله إلا الله، بأن نقبل أوامرها، وأن نقبل نواهيها، وأن نقف عند حدودها، ولا نقل كما قالت اليهود: نؤمن ببعض ونكفر ببعض! فلقد توعد الله من قال ذلك بقوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:٨٥].
فالقبول معناه: أن ننقاد لـ (لا إله إلا الله) فإذا أمرنا نمتثل، وإذا نهينا ننتهي؛ لأن من المسلمين من نَحَّى شرع الله عز وجل وهو يقول:(لا إله إلا الله)! ومن المسلمين من يشرب الخمر، أو يتعامل بالربا وهو يقول: لا إله إلا الله! أو زوجته سافرة وبناته سافرات وهو يقول: (لا إله إلا الله)! وإذا ما سألته، يقول: هذا شيء وذلك شيء آخر! {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:٨٥].
وهذا هو ما نجح فيه أعداؤنا، نجحوا في أن يجعلوا كتاب الله جل وعلا لا يتعدى قارئ يتغنى بالقرآن، ومن حوله بعض المسلمين يستمعون وهم لا يفهمون، فأصبح القرآن في أمة القرآن لا يتعدى أن يكون كتاباً محفوظاً في علبة، أو لا يتعدى أن يكون آية في برواز ذهبي أو فضي، أو لا يتعدى أن يكون بعض الآيات التي تقرأ على الحضور أو تلقى على الصدور.
نجحوا في ذلك، وفرغوا لا إله إلا الله من محتواها ومضمونها، ويوم أن حرف الجسر الحقيقي الذي يضمن لهذه الأمة البقاء والسيادة والرياسة ضاعت الأمة وسقطت من القمة إلى الحضيض والخزي والذل والهوان.
فالقبول: قبول لها بأوامرها ونواهيها وحدودها، والإسلام نظام شامل كامل متكامل، لا ينبغي أن يسجن الإسلام في بيوت الله جل وعلا، وإذا ما خرج المسلمون من المساجد تركوا الإسلام في بيوت الله عز وجل، أما أن يحكم التجارة فلا! أو الاقتصاد فلا! أو الاجتماع فلا! والتعليم والإعلام إلخ، هذا هو فعل اليهود الذين أخذوا ما شاءوا وتركوا ما أرادوا، والله جل وعلا يحذر ويقول:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:٨٥].
هذا -بإيجاز- هو الشرط الثالث من شروط لا إله إلا الله.
الإيمان كل لا يتجزأ، نقبل لا إله إلا الله بدءاً من الحاكمية، فلا حكم إلا لله، ولا شرع إلا لشرع الله، ولا سلطان إلا لله، وحتى إماطة الأذى عن الطريق كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:(الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)، فالقبول ينبغي أن يكون قبولاً كاملاً لكل ما جاءت به لا إله إلا الله من أوامر ونواه، ومن حدود ومقتضيات.