وهنا -أيها الأحباب- أقول لكم: هذه هي خطورة الخلوة بين الرجل والمرأة، فوالله ما خلا رجلٌ بامرأةٍ قط إلا كان الشيطان ثالثهما في هذه الخلوة، يجمل المرأة للرجل ويزين الرجل للمرأة، فترى المرأة الرجل الأجنبي جميلاً ولو كان قبيحاً، ويرى الرجل المرأة الأجنبية جميلةً ولو كانت ذميمة، ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم وحرم الخلوة بين الرجل والمرأة أياً كان هذا الرجل وأياً كانت هذه المرأة، فقال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس:(لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم).
أيها الحبيب! هذا تحذيرٌ لك بينٌ من رسول الله، الذي لا ينطق عن الهوى:(لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم) لماذا يا رسول الله؟ لأنها لو خلت بهذا الرجل بغير محرم فحتماً سيشاركهما الشيطان في هذه الخلوة، كما ورد في الحديث الذي رواه أحمد والحاكم والترمذي بسندٍ حسنٍ صحيح من حديث عامر بن ربيعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان).
حتى ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث ابن عباس: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وقال: (يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة -خرجت للطاعة لحج بيت الله الحرام- وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ -أتدرون ماذا قال له الحبيب صلى الله عليه وسلم؟ - قال: ارجع -اترك الجهاد واترك الغزوة وارجع- فحج مع امرأتك) وحذر النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً صريحاً واضحاً بيناً من الدخول على المرأة الأجنبية في غياب زوجها أو أحد محارمها، حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال كما روى البخاري ومسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إياكم والدخول على النساء؟! فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت) وزاد مسلم في روايته: قال الليث: (الحمو أخو الزوجِ أو أقارب الزوج).
يدخل على زوجة أخيه في غياب الزوج! هذا كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا نتهم بالتطرف، ويقال: كيف لا يدخل أخي على زوجتي في غيبتي! لا يدخل، ولست أَدرى بالمرأة وطبيعتها من خالقها جل وعلا، ولا ممن لا ينطق عن الهوى.
ووالله ما وقعت المصائب التي تعمي الأعين وتصم الآذان وتخلع القلوب إلا يوم أن أعرضنا عن منهج الله، وعن شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرسول يحذرك ألا يدخل أخوك على زوجتك في غيبتك:(الحمو الموت) لأنه يدخل على مرأى ومسمعٍ من الناس، من هذا؟ إنه عم الأولاد، إنه أخو الزوج فليدخل في أي وقتٍ شاء، بدون أدنى حرج، وبدون قيود وشروط، لماذا؟ دخل لينظر إلى أبناء أخيه، هذا واردٌ لا شك فيه، ولا ننكره، أما أن يدخل في غياب الزوج، ولو كان الزوج أخاه، فلا يجوز ألبتة، ولو خلا أخو الزوج بزوجة أخيه فإنما هي خلوةٌ محرمةٌ في دين الله جل وعلا، والزوج آثم والمرأة آثمة، حتى ولو لم تقع المصيبة والفاحشة.
واعلموا أن الشيطان له خطوات، لذا لم يحذرنا الله جل وعلا من الشيطان دفعةً واحدة، وإنما قال:{وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[البقرة:٢٠٨] انتبهوا أيها الأخيار! ولا تتبعوا خطوات الشيطان، الشيطان له خطوةٌ تلو خطوة، لن يأتي من أول الأمر ليزين زوجة الأخ لأخيه، أو أقارب الزوجة أو غير ذلك، وإنما هي خطوات.