للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا تهنوا ولا تحزنوا]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! لست أبداً ممن يدندنون على التيئيس والتقنيط، بل أنا ممن يدندن دوماً على تبشير الأمة بالقضاء على هذه الهزيمة النفسية التي تسيطر الآن على كثير من قلوب آبائنا وشبابنا وإخواننا، وهذا هو عنصرنا الأخير (ولا تهنوا ولا تحزنوا)، قال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩].

أيها الأحباب! نحن في حاجة إلى أن نحقق الإيمان فحسب، فلو حققنا الإيمان لنصرنا الله جل وعلا وإن كنا قلة، وإن كنا فقراء، وإن كنا ضعفاء، قال جل في علاه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، وقال جل وعلا: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ} [الحج:٤٠]، وقال جل وعلا: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:٥٥].

إننا نحتاج إلى أن نحول الإيمان إلى واقع عملي، وإلى منهج حياة.

فهيا أيها الأحبة! أبدأ بنفسي وتبدأ أنت أيها الوالد الفاضل بنفسك، وتبدأ أيها الأخ العزيز الحبيب بنفسك، وأنت أيتها الأخت الكريمة فلتبدئي بنفسك، ولا ينبغي أن نعلق أخطاءنا على غيرنا، قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:١٦٥]، فلتبدأ الأمة كلها بنفسها، وكما ذكرت: أنا لا أخاطب هذا الجمع الكريم بين يدي فحسب، وإنما أخاطب ملايين الأمة عبر شريط الكاست، فإن الشريط ولله الحمد يسري في أرجاء الأرض، وقد أخبرني أخ حبيب وأقسم لي بالله وقال: يا أخي! أنا أحبك في الله، قلت: أحبك الله الذي أحببتني فيه، قلت: من أين أنت يا أخي؟ قال: من فلسطين، قلت: وتعيش هنالك، قال: نعم، ثم قال: والله ما عرفناك إلا من شريط الكاست في تل أبيب؛ لذا فأنا أخاطب الأمة كلها عبر شريط الكاست، أن يبدأ كل مسلم بنفسه من الآن، ولا ينبغي أن نعلق الأخطاء على غيرنا، لا على الحكام، ولا على العلماء، ولا على إسرائيل، ولا على الأمريكان ولا على فلان، ولا علان، وإنما فليعلق كل إنسان منا الخطأ على نفسه وليبدأ بالتصحيح.

(ابدأ بنفسك) هذا ما أملكه وما سأسأل عنه أنا بين يدي الله: ماذا قدمت؟ ماذا فعلت؟ ماذا بذلت؟ لن يسألني ربي سبحانه: ماذا قدم غيرك؟ ماذا فعل غيرك؟ وإنما سيسألني ماذا قدمت أنا، وماذا علمت أنا لدين الله: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:١٠٥].

أيها الأحبة الكرام! فلنبدأ بأنفسنا وعلى كل مسلم أن يحقق الإيمان ويحوله في بيته وواقعه ووظيفته إلى منهج حياة، فالإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان -أي: بالقلب- وعمل بالجوارح والأركان.

نريد لبيوتنا أن تستنير بنور الإيمان نريد لبيوتنا أن تتذوق حلاوة وطعم الإيمان نريد أن تتعرف كراسي الوظائف على المؤمنين الصادقين نريد لكل مواقع الإنتاج ومواطن العطاء، وأماكن المسئولية أن تتذوق حلاوة الإيمان على أيدي المؤمنين الصادقين.

شتان بين مسئول مؤمن يراقب الله ولا يراقب رئيسه في العمل، وبين مسئول لا يعرف للإيمان حقيقة ولا طعماً، فالأول سيتقي الله في جماهير الأمة ممن يتعاملون معه، والآخر يعبد كرسيه الذي جلس عليه ولا شيء غيره.

شتان بين موطن يشع بالإيمان وموطن خال من الإيمان، فنريد أن نحول الإسلام في واقعنا وحياتنا إلى منهج حياة، وأنا أكرر هذه الكلمات دوماً؛ لأن القول إن خالف العمل بذرت بذور النفاق في القلوب، كما قال علام الغيوب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:٢ - ٣]، وقال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤]، أسأل الله أن يرزقنا العلم والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أيها الأحبة الكرام! نحتاج إيماناً لينصرنا الله، وأرجو أن يعلم شبابنا جيداً أن النصرة من الله ما تأخرت عن الأمة إلا لأنه لا توجد في الأرض الآن العصبة المؤمنة التي تستحق نصر الله، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، وهذه سنة ربانية؛ فإن العاقل يعلم يقيناً أن العصبة المؤمنة التي تستحق النصر ما وجدت إلى الآن، إنما هم أفراد قلائل جداً في هذه الأمة، فنحتاج من هؤلاء الأفراد أن ينتشروا ويمتدوا امتداداً وأفقياً بين أهل الإسلام، لتزداد القاعدة، ورأسياً في غير أهل الإسلام؛ لتزداد القاعدة المؤمنة التي تستحق نصر الله جل وعلا، ومع ذلك يا إخوة فأنا لا أخشى على الإسلام، وإنما كل كلامي على المسلمين، فإن الإسلام قد وعد الله بظهوره على الدين كله رغم أنف الأمريكان، ورغم أنف اليهود، ورغم أنف المشركين والمنافقين والمجرمين، فقد وعد بنصرة دين محمد على الدين كله، وهو الملك الذي يقول للشيء: (كن) فيكون.

هل تصدقون الملك جل وعلا وهو يقول: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٢ - ٣٣]؟! لقد قرأت حديثاً في صحيح مسلم من حديث ثوبان يملأ القلب أملاً، وهو من كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها).

هل تصدقون النبي صلى الله عليه وسلم؟ أيها الأحبة: الحديث في أعلى درجات الصحة، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشارق الأرض ومغاربها، ولم لا وهو الذي رأى في الدنيا الجنة والنار؟! إي والله، لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي صلاة الاستسقاء الجنة ورأى النار.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها)، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وتعقب الحاكم والذهبي والألباني فقال: بل هو صحيح على شرط مسلم من حديث تميم الداري، أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليبلغن هذا الأمر -أي: هذا الدين- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر)، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩].

اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز المؤمنين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز المؤمنين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز المؤمنين! اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين بقدرتك وعظمتك يا رب العالمين! اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين، اللهم احفظ أهلنا في العراق، اللهم احفظ أولادنا في العراق، اللهم احفظ نساءنا في العراق، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان من شر الأشرار، وكيد الفجار، برحمتك يا عزيز يا غفار! اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه! اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين! اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد! اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اشف صدور قوم موحدين، واشف صدور قوم مؤمنين برحمتك يا رب العالمين! اللهم اجعل بلدنا مصر واحة للأمن والأمان، وجميع بلاد المسلمين! اللهم اجعل مصر سخاءً رخاءًَ وجميع بلاد المسلمين! اللهم ارفع عن مصر الغلاء، اللهم ارفع عن مصر الغلاء، اللهم ارفع عن مصر البلاء، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وجميع بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!