[إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهزيمة اليهود]
ثبت عن نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى في مسند أحمد وغيره بسند صحيح: أنه (وضع يوماً يده على رأس أبي حوالة الأسدي رضي الله عنه، ثم قال النبي لـ أبي حوالة: يا أبا حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك) وأنا أسأل وأقول: هل تنزل الخلافة الأرض المقدسة والقدس عاصمة أبدية للصهاينة؟ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون) وهذا وعد الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، وأنا أرى فيما أراه الآن من حرب بكل معنى الكلمة من اليهود للعزل والمدنيين في فلسطين، أرى أن في هذه الحرب خيراً كثيراً، ولا أراها خيراً في ذاتها، بل أراها -إن شاء الله تعالى- القشة التي ستقصم ظهر البعير.
فإنا لم نر منذ الاحتلال إلى يومنا هذا مثل هذه الحرقة على القدس وعلى فلسطين بين أبناء الشارع الإسلامي والعربي في كل مكان، بل بين المسلمين في العالم أجمع كما رأينا في هذه الأيام، أرى أن الشعوب بدأت تضغط على حكامها ولو بصورة خفيفة، لكنها بداية أرجو من الله أن يجعل منها النهاية لليهود؛ إنه على كل شيء قدير، فأنا اعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا يوجد شر محض أبداً، بل الشر يحمل في ثناياه ما لا نعرفه من الخير، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:٢١٦].
فلتقدم الأمة من أجل القدس خمسة ملايين أو عشرة ملايين شهيداً، ورب الكعبة! إننا لمستعدون الآن أن نخرج بدون سلاح، وما أحلاها من كلمات تلك الكلمات التي يرسلها إمام من أئمة المجاهدين العلماء لعابد من الزهاد العباد! إنها كلمات عبد الله بن المبارك لأخيه عابد الحرمين الفضيل بن عياض يرسل بها ابن المبارك من ساحة الوغى وميدان البطولة والشرف لأخيه في مكة ليقول له: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الكريهة تتعب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يلتقي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب فليمت من إخواننا من يقدر الله له هذا الشرف، وأسأل الله أن يتقبلهم جميعاً في الشهداء؛ فإما عيش بكرامة وإما شهادة في سبيل الله، فالكل سيموت، وإن تعددت الأسباب فالموت واحد، فما أحوج الأمة الآن إلى أن تعي واجبها في هذا الظرف الحرج! أيها المسلم! لا تنس إخوانك من الدعاء، وذلك أضعف الإيمان، وبالمال إن استطعت، ثم رب نفسك وولدك على روح الجهاد، إن المعركة قادمة، إي وربي! إن المعركة مع اليهود قادمة، فهيئ نفسك، ورب ولدك، ورب امرأتك، ورب بناتك، ورب أولادك.
أتعجب حينما رأى بعض الناس معاوية بن أبي سفيان وهو طفل صغير يلعب، ورأوا عليه ملامح الذكاء، وأمه تنظر إليه بإعجاب، فقال الحاضرون: لو شب معاوية سيسود قومه، فقالت أمه: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
تريد أن يسود العالم كله، تريد أن يسود الدنيا كلها، فلماذا لا نربي أولادنا وأنفسنا على هذه العقيدة؟ ولنبذل أقصى ما في وسعنا، فالله يعلم قدراتنا وإمكانيتنا، ويعلم ضعفنا وواقعنا، ووالله! لو سأل الله أحدنا الشهادة بصدق لبلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه).
وأخيراً: يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً إنا أقمنا على عذر وعن قدر ومن أقام على عذر فقد راح اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، اللهم إنك قلت لنبيك: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:١٧]، اللهم ارم عنهم يا رب العالمين! اللهم إنهم مغلوبون فانتصر.
اللهم عليك باليهود، اللهم عليك بأمريكا، اللهم عليك باليهود وأعوان اليهود، اللهم عليك بالخونة يا غفور! يا ودود! اللهم إنا نشكو إليك خيانة الخائنين، اللهم ارفع الظلم عن المظلومين، اللهم اكتب النصر للمستضعفين، يا من هزمت الأحزاب وحدك! اهزم اليهود المغتصبين.
اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم انزع الخوف من قلوبنا، وانزع الجبن من صدورنا، وانزع الهزيمة من بيننا، اللهم ألف بين القلوب، ووحد بين الصفوف، اللهم وفق قادة العرب للعودة لدينك، اللهم اقذف في قلوبهم ما يرضيك، اللهم حول قلوبهم إلى ما يرضيك.
اللهم انصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم أيد إخواننا في الشيشان وفي الفلبين، وفي كشمير وفي فلسطين، وفي كل مكان يا أرحم الراحمين! اللهم وفق مصر لتقوم بدورها، اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان، اللهم احم مصر من الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا رب العالمين! وجميع بلاد المسلمين.
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وسددته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام نائمين، واحفظنا بالإسلام في كل وقت وحين.
اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين.
اللهم اكفنا شر الظالمين، اللهم اكفنا شر المجرمين.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.