والجواب عن الأول: أن المكذبين في قوله تعالى: (ويل يومئذ للمكذبين)[المرسلات:٤٧] إما أن يكونوا هو الذين تركوا الركوع، لما قيل لهم:(اركعوا) أو غيرهم:
فإن كان الأول: جاز أن يستحقوا الذم بترك الركوع، والويل، بسبب التكذيب، فإن عندنا الكافر كما يستحق العقاب، بترك الإيمان، يستحق الذم والعقاب أيضا، بترك العبادات.
وإن كان الثاني: لم يكن إثبات الويل لإنسان بسبب التكذيب منافيا ثبوت الذم لإنسان آخر، بسبب ترك المأمور به
وعن الثاني: أنه تعالى إنما ذمهم لمجرد أنهم تركوا الركوع، لما قيل لهم:(اركعوا) فدل على أن منشأ الذم هذا القدر لا القرنة.
الدليل الثالث: لو لم يكن الأمر ملزما للفعل، لما كان إلزام الأمر سببا للزوم المأمور به، لكنه سبب للزوم المزمور به، فوجب أن يكون الزمر ملزما للغعل.
بيان الشرطية: أن بتقدير ألا يكون الأمر ملزما للفعل، كان إلزام الأمر إلزاما لشيء، وذلك الشيء لا يوجب فعل المأمور به، فوجب ألا يكون هذا القدر سببا للزوم المأمور به
وبيان أن إلزام الأمر سبب للزوم المأمور به قوله تعالى:(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم)[الأحزاب: ٣٦].
والقضاء هو الإلزام فقوله تعالي:(إذا قضى الله ورسوله أمرا) معناه إذا ألزم الله ورسوله أمرا فإنه لا خيرة للمؤمنين في المأمور به