ويجب هاهنا حمل لفظ الأمر على المأمور به، إذ لو أجريناه على ظاهره لصار المعنى: زنه لا خيرة للمؤمنين في صفة الله تعالى، وذلك كلام عير مفيد
وإذا تعذر حمله على نفس الأمر، وجب حمله على المأمور به، فيصير التقدير أن الله تعالى، إذا ألزم المكلف أمرا، فإنه لا خيرة له في المأموربه وإذا انتفت الخيرة بقي: رما الحظر، وإما الوجوب والحظر منتف بالإجماع، فتعين الوجوب.
فإن قيل القضاء: هو الإلزام، والأمر: قد يرد بمعنى شيء فقوله: (إذا قضى الله ورسوله أمرا)[الزحزاب:٣٦] أي: إذا ألزم الله ورسوله شيئا.
ونحن نعترف بأن الله تعالى، إذا ألزمنا شيئا، فإنه يكون واجب علينا، ولكن لم قلت إنه بمجرد أن يأمرنا بالشيء فقد ألزمنا؟ فإن ذلك عين المتنازع فيه
والجواب: قد بينا أن لفظ الأمر حقيقة في القول المخصوص، وليس حقيقة في الشيء دفعا للاشتراك ولا ضرورة هاهنا في صرفه عن ظاهره.
إذا ثبت هذا، فقوله: إذا قى الله ورسوله أمرا) معناه: إذا ألزم الله أمرا وإلزام الأمر هو توجيهه على المكلف شاء أم أبى.
وإلزام الأمر غير إلزام المأمور به، فرن القاضي، إذا قضى بإباحة شيء، فقد ثبت إلزام الحكم، ولو لم يثبت المحكوم به، فكذا هاهنا: إلزام الأمر عبارة عن: توجيهه على المكلف، والقطع بوقوع ذلك الأمر.
ثم الأمر إن لم يقتض الوجوب، لم يكن إلزام الأمر إلزاما للمأمور به وإن كان مقتضيا للوجوب، فهو الذي قلناه.
الدليل الرابع: تارك ما أمر الله أو رسوله به، مخالف لذلك الأمر ومخالف.