ذلك الأمر مستحق للعقاب، فتارك ما أمر الله ورسوله به مستحق للعقاب ولا معنى لقولنا: الأمر للوجوب إلا ذلك.
وإنما قلنا: إن تارك ما أمر الله أو رسوله به مخالفة لذلك الأمر، لأن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه، والمخالفة ضد الموافقة فكانت مخالفة الأمر عبارة عن الرخلال بمقتضاه، فثبت أن تارك ما أمر الله أو رسوله به مخالف لذلك الأمر.
وإنما قلنا: إن مخالف ذلك الأمر يستحق العقاب، لقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره> أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليك) [النور:٦٣].
أمر مخالف هذا الزمر بالحذر عن العذاب، والأمر بالحذر عن العذاب إنما يكون بعد قيام المقتضي لنزول العذاب، فدل على أن مخالف أمر الله أو أمر رسوله قد وجد في حقه ما يقتضي نزول العذاب به.
فإن قيل: لانسلم أن تارك المأمور به مخالف للأمر.
قوله:(موافقة الأمر: عبارة عن الإتيان بمقتضاه):
قلنا: لا نسلم أن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه، ومالدليل عليه؟
ثم إنا نفسر موافقة الأمر بتفسيرين آخرين:
أحدهما أن موافقة الأمر عبارة هن الإتيان بما يقتضيه الأمر، على الوجه الذي يقتضيه الأمر، فإن الأمر، لو اقتضاه على سبيل الندب، وأنت تأتي به على سبيل الوجوب، كان هذا مخالفة للأمر