الدليل السادس عشر: حمله علي الوجوب يفيد القطع بعدم الإقدام على مخالفة الأمر، وحمله علي الندب يقتضي الشك فيه، فوجب حمله على الوجوب، وإنما قلنا: إن حمله علي الوجوب يفيد القطع بعدم الإقدام على مخالفة الأمر، لأن المأمور به: إما أن يكون واجبا، أو مندوبا:
فإن كان واجبا: فحمله على الوجوب يقتضي القطع بعدم الإقدام على مخالفة الأمر.
وإن كان مندوبا: فالقول بوجوبه سعي في تحصيل ذلك المندوب بأبلغ الوجوه، وذلك يفيد القطع بعدم الإقدام على مخالفة الأمر، فإذن على كلا التقديرين: هو غير مقدم على مخالفة الأمر.
أما لو كان واجبا، ونحن قد جوزنا له الترك: كان ذلك الترك مخالفة للأمر، فثبت زن حمله على الندب يقتضي الشك في كونه مخالفا للأمر.
وإذا ثبت هذا، فنقول: وجب حمله على الوجوب، للنص والمعقول.:
أما النص: فقوله عليه الصلاة والسلام: (دع ما يريبك إلي ما لا يريبك)
وأما المعقول: فهو: أنه إذا تعارض طريقان: أحدهما آمن قطعا، والآخر مخوف كان ترجيح الآمن على المخوف من موجبات العقول.
فإن قيل: لا نسلم أن حمله على المندوب يقتضي الشك في الإقدام على المحظور.