قوله:(لأنه بتقدير أن يكون المأمور به واجبا كان حمله على الندب سعيا في الترك وأنه محظور):
قلنا: لا نسلم أنه يمكن زن يكون المأمور به واجبا، فإنا لو علمنا بدلالة لغوية: أن الأمر ما وضع للوجوب، وعلمنا أن الحكيم لا يجوز أن يجرده عن قرينة إلا والمأمور به غير واجب، فإذا حملته على الندب، أمنت الضرر.
سلمنا قيام هذا الاحتمال، ولكن حمله على الوجوب فيه أيضا احتمال للضرر، لأن بتقدير ألا يكون الحق هو الوجوب، كان اعتقاد كونه واجبا، جهلا، وتكون نية الوجوب قبيحة، وكراهة أضداده قبيحة.
والجواب: إذا علمنا أن لفظ (افعل) لا يجوز استعماله إلا في أحد المعنيين: إما الوجوب، أو الندب، فقبل أن يعلم ما يدل على كونه للوجوب فقط، أو للندب فقط، أولهما معا فإنا إذا حملنا على الوجوب، قطعنا بأنا ما خالفنا الأمر، وإذا حملناه على الندب، لم تقطع بذلك.
فإذن: قبل أن يعلم ما يدل على كونه للوجوب فقط، أو للندب فقط، يقتضي العقل حمله على الوجوب، ليحصل القطع بعدم المخالفة.
ثم بعد ذلك: قيام الدليل على أنه للندب إشارة إلى المعارض، من ادعاه، فعليه الدليل
قوله:(حمله على الوجوب يقتضي احتمال الجهل):
قلنا: ما ذكرتموه إشارة إلى احتمال الخطأ في الاعتقاد، وهو قائم في الطرفين، وما ذكرناه، فهو احتمال الخطأ في العمل، وهو حاصل على تقدير