العرب، فتأمل هذه القاعدة، وفرق بين أن يوضع اللفظ اسما لمعني فيستعمل في غيره، وبين أن تضع لمعنى وتقول: هذا المعنى لا يقصد إلا عند شرط مخصوص فيقصده المتكلم عند عدم ذلك الشرط، والأمر من ذلك وضع للطلب، وقالوا: لا تطلبوا إلا ما هو راجح الفعل، فلا يلزم من مخالفة المتكلم ذلك دخول المجاز في لفظه، فتأمل هذا الموضع، فكل من لا يعرفه إذا قيل له في تلك النظاذر كلها: إنها مجاز، لأنها في غير موضوعها، ربما عسر الجواب عليه.
قوله:(إذا ثبت أن المصلحة راجحة لا يجوز ورود الإذن في الترك):
قلنا: أجمع المسلمون بل جميع العقلاء على أن المصلحة الخالصة والراجحة إن كانت في المرتبة الدنيا كان حكمها الندب، أو في المرتبة العليا كان حكمها الوجوب، ويفرقا المندوب باعتبار عظم المصلحة حتى تكون أعلى مراتب المندوب يليه أدنى مراتب الوجوب، وكذلك نقول في طرف المصلحة بالنسبة إلى المكروه والمحرم.
وعلى هذا التقدير لا يمكن أن مجود رجحان المصلحة لا يجوز ورود الإذن في تركه، بل جاز أن يكون من المندوبات، ويرد الإذن بتركه.
قوله:(تفويت المصلحة الخالصة قبيح فأوجب أن يكون قبيحا شرعا، لقوله عليه السلام: (ما رآه المسلمون قبيحا فهو قبيح)
قلنا: عليه أسئلة:
الأول: لا نسلم أنه قبيح في العرف، بل أهل العرف ينتهي تارة عندهم إلى حد الإلزام، وتارة لا نتهي، وإن استحسنت ورجحت مصلحته عندهم، كالدار المزخرفة ونحوها حسنة، وفيها مصالح، لا يسلكون بذلك مسلك الإلزام لأنفسهم مع القدرة عليهم، ومطالب العرف انقسمت إلي ما لا حرج في تركه، وإلى ما في تركه حرج عرفا.