علمنا فساد هذا القسم، وأن ذلك الاستقباح إنما حصل، لأنه يفيد أن ذلك القائل جعل جهله وفسقه علة لاستحقاق الإكرام، فثبت أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة.
فإذا صدر ذلك من الله تعالى: أفاد ظن أن الله تعالى جعل ذلك الوصف علة، وذلك يوجب تكرر الحكم عند تكرر الوصف، باتفاق القائسين، فثبت أن قول الله تعالى:(إن كان زانيا، فارجمه) يفيد تكرار الرجم عند تكرار الزنا.
فإن قيل أولا: هذا يشكل بقوله: (إن دخلت الدار، فأنت طالق) فإنه لا يتكرر الطلاق بتكرر الدخول، (إن دخلت السوق، فاشتر اللحم) فإنه لا يتكرر الأمر بشراء اللحم عند تكرر دخول السوق.
ثم نقول: لا نسلم أنه يفيد ظن العلية.
أما قوله:(إن كان الرجل عالما، فاقتله) فهذا الاستقباح إنما جاز، لأن كونه عالما ينافي جواز القتل، فإثبات هذا الحكم مع قيام المنافي يوجب الاستقباح.
سلمنا أنه يفيد العلية في هذه الصورة، فلم قلت: إن في ساذر الصور يجب أن يكون كذلك؟
سلمنا أنه في جميع الصور يفيد العلية، فلم قلت: إنه يلزم من تكرر العلة تكرر الحكم؟ فإن السرقة، وإن كانت موجبة للقطع، لكن يتوقف إيجابها لهذا الحكم على شرائط كثيرة.
والجواب: أنه قوله: (إن دخلت الدار، فأنت طالق) فهذا يفيد ظن أن هذا الإنسان جعل دخول الدار علة لوقوع الطلاق، وإذا جعل الإنسان شيئا علة لحكم، لم يلزم من تكرر ماجعله تكرر ذلك الحكم.