سلمنا أن ما ذكرتموه يدل على قولكم؛ ولكنه معارض بالنص والمعقول:
أما النص: فقوله تعالى: {لايكلف الله نفساً إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٦]
{وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج: ٧٨] وأي حرج فوق التكليف بما لا يطاق؟
واما المعقول: فمن ثلاثة أوجه:
الأول: أن في المشاهد أن من كلف الأعمى نقط المصاحف، والزمن الطيران في الهواء - عد سفيها - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الثاني: المحال غير متصور، وكل ما لا يكون متصورا لا يكون مأمورا به.
إنما قلنا: إنه غير متصور؛ لأن كل متصور متميز، وكل متميز ثابت؛ فما لا يكون ثابتا لا يكون متصورا.
بيان الثاني: أن الذي لا يكون متصورا لا يكون في العقل إليه إشارة، والمأمور به يكون في العقل إليه إشارة؛ والجمع بينهما متناقض.
الثالث: إذا جوزتم الأمر بالمحال، فلم لا تجوزون أمر الجمادات، وبعثة الرسل إليها، وإنزال الكتب عليها؟
والجواب: قوله: " إذا فرضنا الإيمان بدلا عن الكفر، كان الموجود في الأزل هو العلم بالإيمان بدلا عن العلم بالكفر ":
قلنا: نحن، وان لم نعلم ان علم الله تعالى في الأزل تعلق بإيمان زيد، او بكفره، لكنا نعلم أن علمه تعلق بأحدهما على التعيين، وذلك العلم كان حاصلا في الأزل، فنقول: لو لم يحصل متعلق ذلك العلم، لزم انقلاب ذلك