للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل عليه: أن التكذيب سبب مستقل باقتضاء دخول النار، وإذا وجد السبب المستقل باقتضاء الحكم، لم يجز إحالته على غيره.

سلمنا أن التعذيب واقع على جميع الأمور المذكورة؛ لكن قوله: {لم نك من المصلين} المدثر ٤٣] معناه: لم نك من المؤمنين؛ لأن اللفظ محتمل، والدليل دل عليه.

أما أن اللفظ محتمل؛ فلما روي في الحديث: " نهيت عن قتل المصلين " ويقال: قال أهل الصلاة؛ والمراد منه: المسلمون.

وأما أن الدليل دل عليه؛ فلأن أهل الكتاب داخلون في هذه الجملة، مع أنهم كانوا يصلون، ويتصدقون، ويؤمنون بالغيب، ولو كان المراد: من لم يأت بالصلاة والزكاة، لكانوا كاذبين فيه؛ فعلمنا أن المراد أنهم ما كانوا من أهل الصلاة والزكاة.

سلمنا أن التعذيب على ترك الصلاة؛ لكن قوله: {لم نك من المصلين} [المدثر: ٤٣] يجوز أن يكون إخبارا عن قوم ارتدوا بعد إسلامهم، مع أنهم ما صلوا حال إسلامهم؛ لانه واقعة حال؛ فيكفي في صدقه صورة واحدة.

سلمنا عمومه في حق الكفار؛ ولكن الوعيد ترتب على فعل الكل؛ فلم قلت: إنه حاصل على كل واحد من تلك الأمور؟

والجواب: أن الله تعالى، لما حكى عن الكفار تعليلهم دخول النار بترك الصلاة، وجب أن يكون ذلك صدقا؛ لأنه لو كان كذبا مع أنه تعالى ما بين كذبهم فيها - لم يكن في روايتها فائدة، وكلام الله تعالى متى أمكن حمله على ماهو أكثر فائدة، وجب ذلك.

[ص ١٥٧٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>