قال الرازي: المسألة الأولى: يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد عندنا، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك- رحمهم الله-.
وقال قوم: لا يجوز أصلًا.
وقال عيسى بن أبان: إن كان قد خص قبل ذلك بدليل مقطوع به، جاز؛ وإلا فلا.
وقال الكرخي: إن كان قد خص بدليل منفصل، صار مجازًا- فيجوز ذلك، وإن خص بدليل متصل، أو لم يخص أصلًا، لم يجز.
وأما القاضي أبو بكر- رحمه الله- فإنه اختار التوقف.
لنا: أن العموم وخبر الواحد دليلان متعارضان، وخبر الواحد أخص من العموم؛ فوجب تقديمه على العموم.
إنما قلنا: إنهما دليلان؛ لأن العموم دليل بالاتفاق.
وأما خبر الواحد: فهو أيضًا دليل؛ لأن العمل به يتضمن دفع ضرر مظنون؛ فكان العمل به واجبًا؛ فكان دليلًا.
وإذا ثبت ذلك، وجب تقديمه على العموم؛ لأن تقديم العموم عليه يفضي إلى إلغائه بالكلية، أما تقديمه على العموم، فلا يفضي إلى إلغاء العموم بالكلية؛ فكان ذلك أولى؛ كما في سائر المخصصات.