وأما جمهور الأصحاب، فقالوا: أجمعت الصحابة على تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، وبينوه بخمس صور:
إحداها: أنهم خصصوا قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم}[النساء: ١١] بما رواه الصديق- رضي الله عنه- أنه عليه الصلاة والسلام قال:(نحن- معاشر الأنبياء- لا نورث).
وثانيها: خصصوا عموم قوله تعالى: {فإن كن نساء فوق اثنتين، فلهن ثلثا ما ترك}[النساء: ١١] بخبر محمد بن مسلمة، والمغيرة بن شعبة أنه - صلى الله عليه وسلم - (جعل للجدة السدس) لأن المتوفاة، إذا خلفت زوجًا، وبنتين، وجدة، فللزوج الرابع (=) ثلاثة، وللبنتين الثلثان (=) ثمانية، وللجدة السدس (=) اثنان؛ عالت المسالة إلى ثلاثة عشر، وثمانية من ثلاثة عشر أقل من ثلثي التركة.
وثالثها: أنهم خصصوا قوله تعالى: {وأحل الله البيع}[البقرة: ٢٧٥] بخبر أبي سعيد (في المنع من بيع الدرهم بالدرهمين).
ورابعها: خصصوا قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] بخبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب).
وخامسها: خصصوا قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}[النساء: ٢٤] بخبر أبي هريرة: (في المنع من نكاح المرأة على عمتها، وخالتها، وبنت أخيها، وبنت أخيها).
ولقائل أن يقول: هل أجمعت الصحابة على تخصيص هذه العمومات، في هذه الصور، أو ما أجمعت؟