قلنا: الذي وقع عليه الإجماع: هو أن القياس لا ينسخ المتواتر، أما رده لأخبار الآحاد بجملة ذلك الخبر، ففيه خلاف عند الحنفية والمالكية، وغيرهم من الفقهاء، إذا تعارض قياس وخبر واحد، وإن كان نصا ظاهرًا؛ هل يعرض عن الخبر بالكلية، أو عن القياس بالكلية؟ خلاف، وإذا أبطل الخبر الصحيح الصريح بجميع أفراده، فأول تخصيص العموم الذي فيه ليس إلا إخراج بعض الأفراد عن اللفظ، فهو أسهل من الإبطال بالكلية، وليس في هذين الموطنين إجماع، فكيف يدعي الإجماع مطلقًا؟
قوله:(القياس المخصص للنص فرع لنص آخر، فلا دور):
تقريره: أن النص المخصوص غير النص الذي هو أصل القياس، كما نقول: حديث عبادة في الأشياء الستة هو أصل قياس الأرز على البر في تحريم الربا، فهذا القياس يخصص بقوله تعالى:{وأحل الله البيع}[البقرة: ٢٧٥] والنص الذي هو أصل غير النص الذي هو أصل القياس، فلا يلزم الدور، ولا تقديم فرع على أصل، بل قدمناه على أنه البيع في حكم الأرز، وليس أصلًا للقياس.
قوله:(مقدمات القياس أكثر من مقدمات العام):
تقريره: أن النصوص تتوقف على عصمة قائلها، وصحة سندها، وعدم إجمالها في دلالتها، ونحو ذلك من مقدمات النصوص المعتبرة فيها، وهي كلها مشتركة بين النص، الذي هو أصل القياس، وبين النص، الذي يخصصه القياس، والقياس في نفسه يحتاج لكون حكمه مما يقبل التعليل، وأن أصله معلل بكذا، ووجود تلك العلة في الفرع، وانتفاء الفوارق، فهذه مقدمات