الأول: الخاص أقوى دلالة على ما يتناوله من العام، والأقوى راجح؛ فالخاص راجح.
الثاني: أن إجراء العام على عمومه يوجب إلغاء الخاص، واعتبار الخاص لا يوجب إلغاء واحد منهما؛ فكان أولى.
واحتج أبو حنيفة وأصحابه- رحمهم الله- بأمور:
أحدها: ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (كنا نأخذ بالأحدث، فالأحدث) فإذا كان العام متأخرًا، كان أحدث؛ فوجب الأخذ به.
وثانيها: لفظان تعارضا، وعلم التاريخ بينهما فوجب تسليط الأخير على السابق، كما لو كان الأخير خاصًا، واحترزنا بقولنا:(لفظان) عن العام الذي يخصه العقل، فإنا هناك سلطنا المتقدم.
وثالثها: أن اللفظ العام في تناوله لآحاد ما دخل تحته- يجري مجري ألفاظ خاصة، كل واحد منها يتناول واحدًا فقط من تلك الآحاد؛ لأن قوله تعالى:{فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] قائم مقام قوله: (اقتلوا زيدًا المشرك، اقتلوا عمرًا، اقتلوا خالدًا) ولو قال ذلك بعدما قال: (لا تقتلوا زيدًا) لكان الثاني ناسخًا.
واحتج ابن القاص على التوقف: بأن هذين الخطابين، كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه، وأخص من وجه آخر؛ لأنه إذا قال:(لا تقتلوا اليهود) ثم قال بعده: (اقتلوا المشركين) فقوله: لا تقتلوا اليهود أخص من قوله: (اقتلوا المشركين) من حيث إن اليهودي أخص من المشرك، وأعم منه؛ من