حيث إنه دخل في المتقدم من الأوقات ما لم يدخل في المتأخر، وهو ما بين زمان ورود المتقدم والمتأخر.
فظهر أن الخاص المتقدم أعم في الأزمان، وأخص في الأعيان، والعام المتأخر بالعكس؛ فكل واحد منهما أعم من الآخر من وجه، وأخص من وجه آخر وإذا ثبت ذلك وجب التوقف والرجوع إلى الترجيح، كما في كل خطابين هذا شأنهما.
والجواب عن الأول: أن هذا قول الصحابي؛ فيكون ضعيف الدلالة؛ فنخصه بما إذا كان الأحدث هو الخاص.
وعن الثاني: أن الفرق ما ذكرنا من أن الخاص أقوى من العام؛ فوجب تقديمه عليه، ولأنا لو لم نسلط الخاص المتأخر على العام المتقدم، لزم إلغاء الخاص، أو لو لم نسلط العام المتأخر على الخاص المتقدم، فلا يلزم ذلك؛ فظهر الفرق.
وعن الثالث: أنه إذا كان اللفظ عاما احتمل التخصيص وليس كذلك، إذا كان خاصًا، ولهذا لو كان قوله:(لا تقتلوا اليهود) مقارنًا لقوله: {فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] لخصه، ولو قارن المفصل، لناقضه، ولم يخصه؛ لأن الخاص لا يحتمل التخصيص.
وأما الذي تمسك به ابن القاص فهو ضعيف؛ لأنه فرض الخاص المتقدم نهيًا؛ فلا جرم عم الأزمان، وفرض العام المتأخر أمرًا؛ فلا جرم لم يعم الأزمان، فصح له ما ادعاه من كون الخاص أعم من العام؛ من هذا الوجه.
أما لو فرضنا الخاص المتقدم أمرًا، والعام المتأخر نهيًا؛ فإنه لا يستقيم كلامه؛