للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الخاص المتقدم لا شك أنه خاص في الأعيان، وهو أيضًا خاص في الأزمان، لأن الأمر لا يفيد التكرار.

أما العام المتأخر فإذا فرضناه نهيًا، كان أعم من المتقدم في الأعيان بالاتفاق، وفي الأزمان أيضًا؛ لأن الأمر لا يتناول كل الأزمان؛ بل يتناول زمانًا واحدًا، فهاهنا المتأخر أعم من المتقدم من كل الوجوه؛ فبطل ما قالوه، والله أعلم.

أما إذا لم يعرف التاريخ بينهما فعند الشافعي- رضي الله عنه-: أن الخاص منهما يخص العام.

وعند أبي حنيفة- رضي الله عنه- يتوقف فيهما، ويرجع إلى غيرهما، أو إلى ما يرجح أحدهما على الآخر؛ وهذا سديد على أصله؛ لأن الخاص دائر بين أن يكون منسوخًا، وبين أن يكون مخصصًا، وناسخًا مقبولًا، وناسخًا مردودًا؛ وعند حصول التردد يجب التوقف.

واعتمد أصحابنا فيه على وجهين:

أحدهما: أنه ليس للخاص مع العام إلا أن يقارنه، أو يتقدمه، أو يتأخر عنه، وقد ثبت تخصيص العام بالخاص عندنا على التقديرات الثلاثة، فعند الجهل بالتاريخ، يكون الحكم أيضًا كذلك، وهذا ضعيف؛ لأن الخاص المتأخر عن العام، إن ورد قبل حضور وقت العمل بالعام، كان تخصيصًا، وإن ورد بعده، كان نسخًا.

وعلى هذا نقول: إن كان العام والخاص مقطوعين، أو مظنونين، أو العام مظنونًا، والخاص مقطوعًا- وجب ترجح الخاص على العام؛ لأن الخاص دائر بين أن يكون ناسخًا، أو مخصصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>