أما إذا كان العام مقطوعًا به، والخاص مظنونًا، فبتقدير أن يكون الخاص مخصصًا؛ وجب العمل به؛ لأن التخصيص الكتاب بخبر الواحد جائز.
لكن بتقدير أن يكون ناسخًا؛ لم يجب العمل به؛ لأن نسخ الكتاب بخبر الواحد لا يجوز.
فالحاصل: أن الخاص دائر بين أن يكون مخصصًا، وبين أن يكون ناسخًا مقبولًا، وبين أن يكون ناسخًا مردودًا، وإذا كان كذلك، لم يجب تقديم الخاص على العام مطلقًا.
الثاني: أن العموم يخص بالقياس مطلقًا، فلأن يخص بخبر الواحد أولى. وهو ضعيف؛ لأن القياس يقتضي أصلًا يقاس عليه فذلك الأصل، إن كان متقدمًا على العام، لم يجز القياس عليه عندنا، وكذا القول، إذا لم يعرف تقدمه وتأخره، لا يجوز القياس عليه.
والمعتمد: أن فقهاء الأمصار: في هذه الأعصار: يخصصون أعم الخبرين بأخصهما، مع فقد علمهم بالتاريخ.
فإن قلت: إن ابن عمر- رضي الله عنهما- لم يخص قوله تعالى:{وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}[النساء: ٢٣]، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحرم الرضعة، ولا الرضعتان).
وعنه أيضًا أنه لما سئل عن نكاح النصرانية حرمه؛ محتجًا بقوله تعالى:{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}[البقرة: ٢٢١] وجعل هذا العام رافعًا لقوله