للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الآخر لا يستقيم، ولما اندرج القسمان في القسم الذي عنيتموه، ورد السؤال باعتبار الكلية، لا باعتبار الكل، وعلى هذا بقيت الكلية، لم يذكروا فيها دليلًا، إذا وقع التقييد والإطلاق فيها، ويكون المتجه ما قاله الخصم؛ لأن الآتي بالقيد غير آت بالمطلق فيتعين عدم الحمل، على هذا البحث يتجه لكلا الفريقين طريقة العرض، والتنافي الاستدلال؛ فيقول القائل بالحمل بعد تقرير الحمل في الكلي، وإذا ثبت ذلك في الكلي، وجب أن يثبت في الكلية؛ لأنه قائل بالفرق، ونقول: القائل بعدم الحمل الآتي بالمقيد غير آت بالمطلق في مسألة الكلية، وجب أن يثبت في الكلي؛ لأنه لا قائل بالفرق، فتأمل ذلك، فهو مجال في البحث للفريقين، وأما الكلي، فقد لا يحصل فيه المطلق في المقيد، كآيتي الوضوء والتيمم؛ فإن اليد اسم المجموع، فجعل المرفق غاية يخرج بقية المطلق.

قوله: (الإطلاق والتقييد ضدان):

قلنا: لا تنافي بين كون الإطلاق والتقييد ضدين، وبين كون المطلق جزء المقيد؛ لأن الصفتين قد تتضادان والموصوفان لا يتضادان؛ كماهية الإنسان يتصف بالحركة والسكون، والسواد والبياض المتضادة، وهي لا تضاد نفسها؛ ولذلك تتصف بالبياض وعدمه، وهما نقيضان، وهي لا تناقض نفسها، فما ذكرتموه في سند المنع لا يفيدكم صحة المنع علينا في أن الآتي بالمقيد غير آن بالمطلق.

قوله: (الإطلاق يقتضي المكنة من أي فرد):

قلنا: هذا الحكم عقلي متلقي من البراءة الأصلية؛ لأن الماهية الكلية، لما وجبت، وشهد العقل أن كل جزء من جزئياتها متضمن لها مع أن الأصل عدم وجوب جزئي معين، جزم العقل بالخروج عن العهدة بأي فرد كان، مع أن هذا البحث يختص بالأمر، أما النهي، فلا يتأتي ذلك فيه، فإنه إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>