للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: لا يقرب ماهية الغصب، ثم قال: لا يقرب ماهية الغصب من المسلمين، أو لا يقرب الغصب المتكرر، فإن هذه الصورة ينتقض بها أمران:

أحدهما: قولهم فيما تقدم: الآتي بالمطلق آت بالمقيد؛ فإن مقتضي هذا الإطلاق اجتناب الماهية الكلية، ويلزم من اجتناب الماهية الكلية اجتناب جميع جزئياتها وأنواعها.

قوله: (الغصب من المسلمين، أو الغصب المتكرر) يخرج بعض الأنواع، وهو الغصب من غير المسلمين، والغصب الذي لا يتكرر، فصار الآتي بالمقيد آتيًا ببعض المطلق؛ لأن الماهية الكلية في النفي كصيغة العموم، وذلك تقدم هنالك في صدر المسألة أن بحثه إنما يتم في الكلي لا في الكلية، وبهذا يمنعه أيضًا تمامه في الكلي، إذا كان في سياق النهي أو النفي، فإن بقي الكل، بقي بجميع أنواعه وأفراده؛ ولم يبق له في تلك الدعوي إلا الكلي في الأمر، وخبر الثبوت.

ولأن النهي عن الماهية الكلية يتناول جميع جزئياتها، فيكون عاما، كما إذا قال له: (لا تعتق عبدًا)، يكون عاما في المؤمنين والكفار، فإذا قال بعد ذلك: لا تعتق رقبة كافرة، كان المقيد بعض ما يتناوله العام الأول، الذي هو المطلق، والقاعدة أن العام لا يخصص بذكر بعضه، فيبقي المطلق على عمومه في النهي عن الفريقين المؤمن والكافر، فلا حمل، لأن المقيد هاهنا بعض المطلق.

وثانيهما: في الانتقاض لهذا البحث، فإنه إذا نهاه عن الماهية الكلية، لم يكن متمكنًا من تركها بأي نوع كان، أو بأي فرد كان، بل يتعين للجميع الاجتناب، فالمكنة ذاهبة، فكذلك في خبر النفي لا مكنة فيه، بل الجميع؛ فيتعين للنفي، وإنما يكون في النهي، أو النفي متمكنًا، إذا كان المنهي عنه كلا لا كلية، ولا كليًا، وقد تقدم الفرق بينهما في أول العموم؛ فإن النهي

<<  <  ج: ص:  >  >>