للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية

قال الرازي: اختلفوا في الحكمين المتماثلين، إذا أطلق أحدهما، وقيد الآخر، وسببهما مختلف، مثاله: تقييد الرقبة في كفارة القتل بالإيمان، وإطلاقها في كفارة الظهار، وفيه ثلاثة مذاهب: اثنان طرفان، والثالث هو الوسط، أما الطرفان، فأحدهما: قول من يقول من أصحابنا: تقييد أحدهما يقتضي تقييد الآخر لفظا.

وثانيهما: قول كافة الحنفية: إنه لا يجوز تقييد هذا المطلق بطريق ما ألبتة.

وثالثها: القول المعتدل، وهو مذهب المحققين منا: أنه يجوز تقييد المطلق بالقياس على ذلك المقيد، ولا ندعي وجوب هذا القياس، بل ندعي أنه إن حصل القياس الصحيح، ثبت التقييد، وإلا فلا.

واعلم: أن صحة هذا القول إنما تثبت، إذا أفسدنا القولين الأولين.

أما الأول فضعيف جدًا؛ لأن الشارع لو قال: (أوجبت في كفارة القتل رقبة مؤمنة، وأوجبت في كفارة الظهار رقبة كيف كانت) لم يكن أحد الكلامين مناقضًا للآخر، فعلمنا أن تقييد أحدهما لا يقتضي تقييد الآخر لفظًا.

احتجوا: بأن القرآن كالكلمة الواحدة، وبأن الشهادة، لما قيدت بالعدالة مرة واحدة، وأطلقت في سائر الصور، حملنا المطلق على المقيد، فكذا هاهنا.

والجواب عن الأول: أن القرآن كالكلمة الواحدة في أنه لا يتناقض، لا في كل شيء، وإلا وجب أن يتقيد كل عام ومطلق بكل خاص ومقيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>