للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الليل) أما إن كان المسمى حقيقيًا، فإما أن يكون له حكم واحد، أو أكثر من حكم واحد،

والأول: كقولنا: لا شهادة لمجلود في قذف؛ لأنه لا يمكن صرف النفي إلى ذات الشهادة؛ لأنها قد وجدت، فلابد من صرف النفي إلى حكمها، وليس لها إلا حكم واحد، وهو الجواز؛ لأن الشهادة، إذا كانت فيما كانت، ندبنا إلى ستره، لم يكن لإقامتها مدخل في الفضيلة؛ كقولنا: لا إقرار لمن أقر بالزنا مرة واحدة؛ لأن الأولى له أن يستر ذلك على نفسه؛ فإذن لا حكم له إلا الجواز، وإذا لم يكن له إلا هذا الحكم الواحد انصرف النفي فصح التعلق به.

أما إذا كان له حكمان: الفضيلة، والجواز، فلم يكن صرفه إلى أحدهما أولى من الآخر، فيتعين الإجمال، هذا قول الأكثرين.

ولقائل أن يقول: لكن صرفه إلى الجواز أولى من صرفه إلى الفضيلة؛ لوجوه:

أحدها: أن المدلول عليه باللفظ نفي الذات، والدال على نفي الذات دال على نفي جميع الصفات؛ لاستحالة بقاء الصفة مع عدم الذات.

فإذن قوله: (لا عمل) يدل على نفي الذات، وعلى نفي الصحة، ونفي الكمال، ترك العمل به في الذات؛ فوجب أن يبقى معمولاً به في الباقي.

فإن قلت: اللفظ لم يدل على نفي الصحة بالمطابقة، وإنما دل عليها بالالتزام؛ ضرورة أنه يلزم من انتفاء الذات انتفاء الصفة؛ ودلالة الالتزام تابعة لدلالة المطابقة التي هي الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>