للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاهنا، لما لم توجد دلالة المطابقة التي هي الأصل، فكيف تبقى دلالة الالتزام التي هي الفرع؟

وأيضًا: فقد جاء هذا اللفظ لنفي الفضليلة فقط؛ والأصل في الكلام الحقيقة.

والجواب عن الأول: أنه لا نزاع في أن دلالة هذا اللفظ على نفي الصفة، تابعة لدلالته على نفي الذات، لكن بعد استقرار تلك الدلالة، صار اللفظ كالعام بالنسبة إليها بأسرها، فإذا خص عنها، في بعض الأمور، وهو الذات، وجب أن يبقى معمولاً به في الباقي.

وعن الثاني: أنا بينا: أن اللفظ عام بالنسبة إلى نفي الذات، ونفي الصفات ثم تارة يختص بالنسبة إلى الذات فقط، وحينئذ يفيد نفي بقية الأحكام، وتارة يختص بالنسبة إلى الذات، والصحة، فيبقى معمولاً به في الباقي وهو نفي الفضيلة.

وثانيها: هو أن المشابهة بين المعدوم، وبين ما لا يصح، أتم من المشابهة بين المعدوم، وبين ما يوجد ويصح، ولا يفضل، والمشابهة إحدى أسباب المجاز، فكان حمل اللفظ على نفي الصحة أولى.

وثالثها: أن الخلل الحاصل في الذات عند عدم الصحة أشد من الخلل الحاصل فيها عند بقاء الصحة، وعدم الفضيلة، وإطلاق اسم العدم على المختل أولى من إطلاقه على غير المختل.

سلمنا أنه لا يجوز حمل هذا النفي على هذه الأحكام، ولا يجوز حمله على نفي الذات، فلم قلت: إنه مجمل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>